للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزعم أكثر النحويين: أن "إما" الثانية في الطلب والخبر؛ نحو: تزوج إما هنداً وإما أختها، وجاءني إما زيد وإما عمرو (١)؛ بمنزلة "أو" في العطف والمعنى (٢).

وقال أبو علي وابنا كيسان وبرهان (٣):

أي أن "أو" تؤدي هذه المعاني؛ وهي: التخيير، والإباحة، والتقسيم، والإبهام، والإضراب. وقد تعاقب الواو - أي تحل محلها وتؤدي معناها- إذا لم يجد المتكلم منفذًا للالتباس؛ أي ألا يكون استعمالها موقعا في اللبس. وعدم إدراك السامع أنها بمعنى الواو. وخلاصة ما تقدم من معاني "أو": أنها تكون للتخيير والإباحة بعد الأمر، وللشك والإبهام بعد الجمل الخبرية. أما التفصيل، والإضراب، ومعنى الواو؛ فتكون بعد الطلب وبعد الخبر. والأفضل في الإضراب: أن يسبقه نفي أو نهي، وأن يتكرر العامل معه. وهذه المعاني المسموعة خاضعة للسياق والقرائن لتبين نوع كل منها.

(١) المثال الأول للطلب، والثاني للخبر.

(٢) فتكون حرف عطف بمعنى "أو"، وتكون للتخيير والإباحة إذا سبقت بكلام يشتمل على أمر، وللشك والإبهام إذا كانت مسبوقة بجملة خبرية، وللتفصيل بعد الخبر أو الطلب، نحو قوله تعالى: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾، الآية ٣ من سورة والواو زائدة لازمه وانتصابهما على الحال، والعامل فيهما ﴿هَدَيْنَاهُ﴾ ولا تكون "إما" الثانية للإضراب، ولا بمعنى واو العطف؛ لأن "أو" مختصة بهما.

(٣) ابن برهان هو: أبو القاسم، عبد الواحد بن علي بن برهان الأسدي العكبري، نسبة إلى عكبرا، على دجلة فوق بغداد، كان عالمًا مجيدا للعربية واللغة والتاريخ وأيام العرب، وكان أول أمره منجمًا فصار نحويًا، وكان حنبليًا فصار حنفيًا متعصبًا لأبي حنيفة محترمًا بين أصحابه. وقد تصدر للتدريس ببغداد وأفاد كثيرًا. وكان في خلقه شدة على من يقرأ عليه، يقبل على الطلبة الغرباء، ويتكبر على أولاد الأغنياء، ديّنًا زاهدًا لا يعني بملبسه، ولا يضع على رأسه غطاء، ولولا هذا الشذوذ في أخلاقه وتعاليه على من يقرأ عليهم ويستمليهم لكانت له آثار باقية وكتب مروية؛ لعلمه وفضله وتبحره في النحو واللغة وتوفي في جمادى الآخرة سنة ٤٥٦ هـ. وانظر ترجمة ابن كيسان في الجزء الأول، صفحة ٢٤٧.


"وربما" رب حرف تقليل، و"ما" كافة. "عاقبت" الفاعل يعود إلى أو. "الواو" مفعول به. "إذا" ظرف مضمن معنى الشرط. "ذو" فاعل يلف. "النطق" مضاف إليه، والجملة في محل جر بإضافة إذا. "للبس" متعلق بـ"منفذًا". "منفذا" -أي طريقا- مفعول أول ليلف، والثاني محذوف، وكذلك جواب إذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>