وبمعنى الواو عند الكوفيين (١)، وذلك عند أمن اللبس كقوله:
ما بين ملجم مهره أو سافع (٢)
(١) أي تكون للدلالة على الاشتراك ومطلق الجمع بين المتعاطفين، ويصح أن يحل محلها الواو. ووافق الكوفيين على ذلك: الجرمي، والأخفش.
(٢) عجز بيت من الكاملن لحميد بن ثور الهلالي، وصدره:
قوم إذا سمعوا الصريخ رأيتهم
اللغة والإعراب: الصريخ: صوت المستصرخ المستغيث، ويطلق على المستغيث نفسه، وكلا المعنيين، يصلح هنا، وقد يطلق الصريخ على المغيث؛ قال تعالى: ﴿فَلا صَرِيخَ لَهُمْ﴾؛ أي: لا مغيث. ملجم: جاعل اللجام في موضعه من الفرس. مهره: أصله الحصان الصغير، والمراد هنا: الحصان. سافع: قابض على ناصية فرسه. "قوم" خبر لمبتدأ محذوف. "إذا" ظرف مضمن معنى الشرط. "سمعوا" فعل الشرط وفالع. "رأيتهم" جواب الشرط. "ما بين" ما زائدة، و"بين" ظرف في موضع المفعول الثاني لرأيت. "ملجم مهره" مضاف إليه. "أو" عاطفة بمعنى الواو. "سافع" معطوف على ملجم.
المعنى: يصف القوم بالشجاعة والنجدة؛ فيقوم: إنهم إذا سمعوا استغاثة من أحد أسرعوا لإجابته ونجدته؛ فترى من يلجم فرسه، ومن يأخذ بناصية فرسه، حتى يحضر له غلام اللجام للإسراع في نجدة المستغيث … إلخ.
الشاهد: استعمال "أو" بمعنى الواو العاطفة؛ ذلك لأن "بين" لا تضاف إلا لمتعدد لفظًا ومعنى؛ فلو أبقيت "أو" على معناها -وهو أحد الشيئين أو الأشياء- لأضيفت "بين" إلى واحد، وهو غير سائغ في العربية، وفي معاني "أو" يقول الناظم:
خير أبح قسم بأو وأبهم … وأشكك وإضراب بها أيضًا نمي
وربما عاقبت الواو إذا … لم يلف ذو النطق للبس منفذًا
* "أبح قسم" أمران معطوفان على خبر بحذف العاطف. "بأو" جار ومجرور تنازعه الأفعال الثلاثة قبله. "وأبهم واشكك" معطوفان على خبر. "واضراب" مبتدأ. "بها" متعلق بإضراب. "أيضاً" مفعول مطلق لمحذوف. "نمي" فعل ماضي مبني للمجهول، والجملة خبر المبتدأ.