للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقتضيه البتة (١)؛ نحو: ﴿أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ﴾ (٢)؛ أي: بل هل تستوي؛ إذ لا يدخل استفهام على استفهام، وكقول الشاعر:

هنالك أم في جنة أم جهنم (٣)

(١) أي: فتكون للخبر المحض.

(٢) من الآية ١٦ من سورة الرعد.

(٣) عجز بيت من الطويل، لعمر بن أبي ربيعة المخزومي، وصدره:

وليت سليمي في المنام ضجيعتي

وقبله:

ألا ليت أني يوم تقضى منيتي … لثمت الذي ما بين عينيك والفم

وليت طهوري كان ريقك كله … وليت حنوطي من مشاشك والدم

اللغة والإعراب: سليمى: اسم محبوبته. المنام: النوم. ضجيعتي. مشاركتي في المضجع، وهو كان الرقاد. "سليمى" اسم ليت. "في المنام" متعلق بضجيعتي الواقع خبرًا لليت. "هنالك" هنا اسم إشارة إلى مكان النوم، في محل نصب بضجيعتي، واللام للبعد، والكاف حرف خطاب. "أم" حرف ابتداء بمعنى "بل" للإضراب. "في جنة" متعلق بمحذوف خبر ليت المحذوفة مع اسمها. "أم في جهنم" إعرابها كذلك.

المعنى: يتمنى أن تكون محبوبته سليمى معه، وضجيعته حيث ينام، ثم رأى أن ذلك غير متيسر فأضرب عنه، وتمنى أن كون ضجيعته في الجنة، ثم أضرب عن هذا لعدم يقينه من تحققه، وتمنى أن يكونا في جهنم معًا.

الشاهد: أن "أم" المنقطعة هنا تمخضت للإضراب بمعنى "بل"، ولا تدل على الاستفهام، ولا تقتضيه أصلًا؛ لأن الشاعر لا يريد الاستفهام؛ وإنما ساقه مساق التمني، ولهذا قدرنا بعدها جملة؛ لأن "أم" التي بمعنى "بل" لا يقع بعدها إلا الجمل، وفي "أم" المنقطعة يقول الناظم:

وبانقطاع وبمعنى "بل" وفت … إن تك مما قيدت به خلت


* "وبانقطاع وبمعنى" متعلقان بوفت. "بل" مقصود لفظه مضاف إليه. "وفت" فعل ماض، والفاعل يعود إلى أم،

<<  <  ج: ص:  >  >>