أحدهما: هو اللطيف القوي -أنهم إنما خصوا لام التعريف بأول الاسم دون آخره من قبل أنهم صانوه، وشحوا عليه لحاجتهم إليه، فجعلوه في موضع لا يضاف فيه حرف صحيح البتة، واللام حرف صحيح وذلك الموضع هو أول الكلمة؛ ولما كان آخر الكلمة ضعيفًا قابلًا للتغيير في الوقف وغيره، وقد يحذف فيه أيضًا ما هو من أنفس الكلم نحو قولهم في الترخيم:"يا حار"، و"يا منص"١، وغير ذلك كرهوا أن يجعلوا اللام في آخر الاسم؛ فيتطرق عليها الحذف في بعض الأحوال مع قوة حاجتهم إليها وشدة عنايتهم بها؛ فحصنوها، واحتاطوا عليها بأن وضعوا في أول الاسم لتبعد عن الحذف والاعتلال؛ فهذا هو الجواب القوي الحسن اللطيف.
والجواب الآخر: أنها حرف زائد لمعنى، وحرف المعاني في غالب الأمر إنما مواقعها في أوائل الكلم لا سيما وهي لام، فأجريت مجرى لام الابتداء، ولام الإضافة، ولام الأمر، وغير ذلك؛ فقدمت كما قدمن.
والقول الأول هو الوجه، وهذا الثاني لا بأس به.
قد أتينا على أحكام لام التعريف كيف حالها في نفسها، وأثبتنا من الحجاج في ذلك ما هو مقنع كاف، وبقي علينا أن نذكر مواقعها في الكلام، وعلى كم قسمٍ تتنوع فيه.
اعلم أن لام التعريف تقع من الكلام فى أربعة مواضع، وهي: تعريف الواحد بعهد، وتعريف الوحد بغير عهد، وتعريف الجنس، وزائدة.
الأول: نحو قولك لمن كنت معه في ذكر رجل: قد وافى الرجل، أي: الرجل الذي كنا في حديثه وذكره.
الثاني: قولك لمن لم تره قط ولا ذكرته: يا أيها الرجل أقبل؛ فهذا تعريف لم يتقدمة ذكر ولا عهد.