للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدلك على إيثارهم الإدغام للام التعريف -لما قصدوا من الإبانة عن غرضهم- أنك لا تجد لام التعريف مع واحد من هذه الأحرف الثلاثة عشر إلا مدغمًا في جميع اللغات، ولا يجوز إظهارها ولا إخفاؤها معهن ما دامت للتعريف البتة، وأنك قد تجد اللام إذا كانت ساكنة وهي لغير التعريف مظهرة غير مدغمة مع أكثر هذه الحروف الثلاثة عشر؛ وذلك نحو "التفت"، و"هل ثم أحد"، و"هل دخل"، و"ألزم به"، و"هل رأى ذلك أحد"، و"ألسنة"، وأنشدوا:

تقول إذا أنفق مالًا للذة ... فكيهة هشيء بكفيك لائق١

أي: هل شيء؛ فأدغم، وليس ذلك بواجب كوجوب إدغام الشم، والشراب، ولا جميعهم يدغم هل شيء، ولا جميعهم يقرأ "بَتُّوثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا" [الأعلى: ١٦] قرأها الكسائي٢.

وكذلك: "هَثُّوِّبَ الْكُفَّارُ" [المطففين: ٣٦] إنما قرأها بالإدغام الكسائي٣ أيضًا.

وكذلك قول مزاحم العقيلي:

فذر ذا ولكن هتعين متيمًا ... على ضوء برق آخر الليل ناصب٤

أي: هل تعين، وذلك غير واجب؛ وإنما هو جائز، فتحييرهم في هذه الأشياء بين الإدغام وتركه دائمًا، وإجماعهم مع لام التعريف على التزامه البتة؛ دليل قاطع على عنايتهم بإدغام حرف التعريف؛ وإنما ذلك لما ذكرت لك من تنبيههم على مزجه بما بعده.


١ البيت لطريف بن تميم العنبري كما في الكتاب "٢/ ٤١٧".
اللائق: المحتبس الباقي. لسان العرب "١٠/ ٣٣٤".
فكيهة: اسم امرأة.
٢ هي قراءة الكسائي وحمزة وهشام: انظر/ إتحاف فضلاه البشر "ص٤٣٧".
٣ هذه قراءة الكسائي وأبي عمرو وحمزة. انظر/ السبعة "ص٦٧٦".
ونص سيبويه على أن أبا عمرو قرأها بالإدغام. انظر/ الكتاب "٢/ ٤١٧".
٤ نسب البيت إليه في الكتاب "٢/ ٤١٧".
الناصب: المنصب المتعب. جاء على النسب كتامر ولابن.

<<  <  ج: ص:  >  >>