للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و {أَالذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمْ الأُنثَيَيْنِ} [الأنعام: ١٤٤] ١، ونحو قولهم في القسم: "أفألله"، و"لاها ألله ذا"، ولم نر همزة الوصل ثبتت في نحو هذا. فهذا كله يؤكد أن همزة "أل" ليست بهمزة وصل، وأنها مع اللام بمنزلة "قد" و"هل" ونحوهما.

وأما ما يدل على أن اللام وحدها هي حرف التعريف، وأن الهمزة إنما دخلت عليها لسكونها؛ فهو إيصالهم جر الجار إلى ما بعد حرف التعريف، وذلك نحو قولهم: عجبت من الرجل، ومررت بالغلام، والغلام كالجارية؛ فنفوذ الجر بحرفه إلى ما بعد حرف التعريف؛ يدل على أن حرف التعريف غير فاصل عندهم بين الجار والمجرور؛ وإنما كان ذلك كذلك لأنه فى نهاية اللطافة والاتصال بما عرّفه.

وإنما كان كذلك لأنه على حرف واحد ولا سيما ساكن، ولو كان حرف التعريف عندهم حرفين كـ "قد"، و"هل"؛ لما جاز الفصل له بين الجار والمجرور به؛ لأن "قد" و"هل" كلمتان بائنتان قائمتان بأنفسهما؛ ألا ترى أن أصحابنا٢ أنكروا على الكسائي وغيره قراءته {ثُمَّ لْيَقْطَعْ} [الحج: ١٥] ٣ بسكون اللام من "ليَقْطَعْ" وكذلك {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} [الحج: ٢٩] ٤؛ لأن "ثم" قائمة بنفسها؛ لأنها على أكثر من حرف واحد، وليست كواو العطف وفائه؛ لأن تينك ضعيفتان متصلتان بما بعدهما؛ فلطفتا عن نية فصلهما وقيامهما بأنفسهما.


١ أي لم تحلون بعضًا وتحرمون بعضًا، والله عز وجل لم يحرم شيئًا من ذلك؛ فكله حلال.
انظر/ تفسير مختصر الطبري "ص١٢٣".
الأسلوب الإنشائي في صورة استفهام غرضه التحقير والتوبيخ لفكرهم ومعتقداتهم.
الشاهد في الآية حذف همزة الوصل أيضًا.
٢ أصحابنا: يقصد منهم المبرد الذي اتهم مثل الكسائي وغيره بالتحريف واللحن في قراءتهم على هذه الشاكلة؛ حيث كانوا يقرأون {ثم لْيَقْطَعْ} بسكون اللام، وكذلك: {لْيَقْضُوا تفثهم} .
٣ {ثُمَّ لْيَقْطَعْ} قرأ هذه الآية كما ذكرنا سابقًا بسكون اللام كل من الكسائي وعاصم وغيرهما، وأنكر عليهم هذه القراءة ابن جني والمبرد وغيرهما أيضًا.
وقوله تعالى: {ثُمَّ لِيَقْطَعْ} أي ثم ليختنق.
٤ {ثُمَّ لْيَقْضُوا} أي ليقضوا ما عليهم من مناسك حجهم من حلق وطواف ورمي جمرة وموقف وغيرها. انظر/ تفسير مختصر الطبري "ص٢٩٣".
الشاهد في هذا الجزء من الآية قراءة {لْيَقْضُوا} بسكون اللام كما وضحنا سابقًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>