للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومثله أيضا قوله عز اسمه: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ} [البقرة: ٢٥٩] ١ ذهب أبو الحسن إلى أن الكاف زائدة، وعطف "الذي" على" الذي" من قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ} [البقرة: ٢٥٨] ٢ وأجاز أبو علي أن يكون الكلام معطوفا على المعنى، وذلك أن معنى قوله {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ} : أرأيت كالذي حاج إبراهيم في ربه، أو كالذي مر على قرية، فلا تكون الكاف على هذا زائدة. وهذا وجه حسن.

فأما قول الآخر:

فصيروا مثل كعصف مأكول٣

فلا بد فيه من زيادة الكاف. فكأنه قال: فصيروا مثل عصف مأكول. فأكد الشبه بزيادة الكاف، كما أكد الشبه بزيادة الكاف في قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} إلا أنه في الآية أدخل الحرف على الاسم، وهذا شائع، وفي البيت أدخل الاسم، وهو مثل، على الحرف، وهو الكاف، فشبه شيئا بشيء.

فإن قال قائل: بماذا جر عصف؟ أبالكاف التي تجاوره؟ أم بإضافة مثل إليه، على أنه فصل بالكاف بين المضاف والمضاف إليه؟


١ هو عزير أحد أنبياء بني إسرائيل.
الشاهد فيها: أن الكاف في قوله "كالذي" زائدة للتوكيد.
٢ حاج: أي جادل. والذي حاج إبراهيم هو النمرود بن كنعان. اللسان "٢/ ٧٧٩".
الشاهد فيه: أن يكون الكلام معطوفا على المعنى.
والتقدير: أرأيت كالذي حاج إبراهيم في ربه، أو كالذي مر على قرية.
٣ ذكر صاحب اللسان البيت في مادة "ع ص ف" دون أن ينسبه إلى قائله.
العصف: دقائق التبن. مادة "ع ص ف" اللسان "٤/ ٢٩٧٢".
الشاهد فيه قوله: "كعصف" حيث إن الكاف زائدة جارة، ووظيفتها التوكيد.
والتقدير بعد الحذف "مثل عصف مأكول".
إعراب الشاهد:
الكاف: حرف جر زائد مبني لا محل له من الإعراب.
عصف: اسم مجرور بحرف الجر الزائد وعلامة الجر الكسرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>