للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: تنقيح المناط.

فنقول: قياس اللائط على الزاني، كقياس الأكل على الجماع في الكفارة، فإنا تعرفنا أن وصف كونه "زنا" لا يؤثر، بل المؤثر: كونه إيلاج فرج في فرج محرم قطعًا، مشتهى طبعًا.

فإن قالوا: ليس هذا بقياس١؛ فإن القياس أن يقال: علق الحكم بالزنا لعلة كذا، وهي موجودة في اللواط، فيلحق به، كما يقال: ثبت التحريم في الخمر لعلة الشدة، وهي موجودة في النبيذ، فيضم النبيذ إلى الخمر في التحريم، ولم نغير من الخمر شيئًا.

ونحن في "الكفارة" لم نبين أن الحكم ثبت للجماع، ولم نعلق به، وإنما علقنا الحكم بإفساد الصوم، فنتعرف الحكم الوارد شرعًا أين ورد، وكيف ورد؟

وكذا أنتم لم تعلّقوا الحكم بالزنا.

وبهذا يظهر الفرق -للمنصف- بين تعليل الحكم، وتعليل السببية، فإن تعليل الحكم تعدية له عن محله، مع تقريره في محله.

وفي السببية إذا قلنا: علق الشرع الرجم بالزنا لعلة كذا، فألحقنا به غير الزنا: تناقض آخر الكلام وأوله؛ لأن الزنا إن كان مناطًا من حيث إنه "زنا" فألحقنا به ما ليس بزنا: أخرجنا الزنا عن كونه علة ومناطًا، فإنا نتبيّن بالآخرة: أن الزنا لم يكن هو السبب، بل معنى أعم منه وهو: إيلاج فرج.


١ أي: فإن حاولوا الاعتذار عما وقعوا فيه فقالوا: إن هذا ليس بقياس، وإنما هو استدلال على موضع الحكم بحذف الفوارق الملغاة. أجيب عن ذلك: بأن هذا لا ينفعكم، فإنه قياس من حيث المعنى، لوجود شرائط القياس فيه، ولا عبرة بالتسمية: انظر نزهة الخاطر "٢/ ٣٤١".

<<  <  ج: ص:  >  >>