١ لا بد -قبل حكاية آراء العلماء- من تحرير محل الخلاف، فنقول: أولًا: لا خلاف بين العلماء في أن قول الصحابي لا يعتبر حجة على صحابي آخر؛ لاستوائها في الصحبة والمنزلة، بالنسبة للمجتهدين منهم. ثانيًا: أن قول الصحابي فيما لا مجال فيه للرأي والاجتهاد، حكمه حكم المرفوع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فيأخذ حكم السنة في الحجية، كما روي عن السيدة عائشة -رضي الله عنها- أن الحمل لا يمكث في بطن أمه أكثر من سنتين. ثالثًا: قول الصحابي الذي اشتهر وذاع، ولم ينكره أحد، يدخل في الإجماع السكوتي، كما تقدم خلاف العلماء فيه. رابعًا: قول الصحابي لا يعتبر حجة بالاتفاق إذا ثبت رجوعه عنه، كما روي عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في رجوعه عن القول بحل زواج المتعة. خامسًا: قول الصحابي يعتبر حجة على العوام مطلقًا، سواء أكان ذلك في عصر الصحابة -رضي الله عنهم- أم في غيره من العصور. سادسًا: قول الصحابي فيما للرأي فيه مجال، ولم يشتهر؛ لكونه مما لا تعم به البلوى، هذا هو محل الخلاف. وقد حكى المصنف فيه أربعة مذاهب، وهناك مذهبان آخران: ١- أنه حجة إذا وافق القياس، وهو منسوب إلى الإمام الشافعي. ٢- أنه حجة إذا خالف القياس، لأنه لم يخالف القياس، إلا لاطلاعه على خبر لم نعرفه. وقد نسب إلى بعض الحنفية وبعض الشافعية. انظر: البرهان "٢/ ١٣٥٨" المسودة ص٢٧٦، ٣٣٦، ٤٧٠، الإحكام =