للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشاركة في بعض الشريعة لا تمنع نسبتها بكمالها إلى المبعوث بها؛ نظرًا إلى الأكثر.

وبقية الأدلة تندفع بكون الشريعة الأولى لم تثبت بطريق موثوق به، بل قد أخبر الله -تعالى- بتحريف أهلها وتبديلهم، فلذلك أنكر النبي -صلى الله عليه وسلم- على "عمر" كتاب التوراة، وصوب معاذًا في إعراضه عن كتبهم، ولم يلزمه ولا الصحابة الرجوع إليها، ولا البحث عنها.

وإنما الواجب: الرجوع إلى ما ثبت منها بشرعنا، كآية القصاص١، والرجم، ونحوهما، وهو ما تضمنه الكتاب والسنة، فيكون منهما، فلا يجوز العدول إلى الاجتهاد مع وجوده.


١ وهي قوله -تعالى- في سورة المائدة الآية: ٤٥: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ... } .
وبهذا يتضح أنه ليس المقصود بحجية "شرع من قبلنا" مراجعة كتبهم التي حرفوها، وإنما المقصود: الأحكام التي جاءت في شريعتنا منسوبة إليهم، أو حكاية عنهم، خاصة في القصص القرآني، دون أن يقترن بها ما يدل على أنها كانت خاصة بهم، أو أننا مكلفون بها، كما كانوا مكلفين -على نحو ما سبق في بيان محل النزاع أول المسألة-.
قال أبو يعلى في العدة "٣/ ٧٥٣": "وإنما يثبت كونه شرعًا لهم بمقطوع عليه، إما الكتاب أو الخبر، من جهة الصادق، أو بنقل متواتر، فأما الرجوع إليهم وإلى كتبهم فلا".
وقريب منه ما جاء في المسودة ص١٨٤.
وقد اسنتبط العلماء العديد من الأحكام الشرعية المترتبة على هذا الأصل:
كحرمة السحر، وصحة جعل المنفعة صداقًا للمرأة، والآداب التي ينبغي على القاضي أن يتحلى بها، أخذًا من قصة داود عليه السلام، وغير ذلك مما ورد في كتب تفسير آيات الأحكام، وقصص القرآن. =

<<  <  ج: ص:  >  >>