وقال شيخنا عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي رحمه الله:
دَعْ عَنْكَ ذِكْرَ الهَوَى وَالمُولَعِيْنَ بِهِ ... وانْهَضْ إلى مَنْزِلٍ عَالٍ به الدُّرَرُ
تَسْلُوْ بِمَرْبابِهِ عن كلِّ غَالِيَةٍ ... وَعَنْ نَعَيْمٍ لِدُنْيا صَفْوُهَا كَدرُ
وَعن نَدِيْمٍ به يَلْهُو مُجَالِسُهُ ... وعن رِيَاضٍ كَسَاهَا النُّورُ والزَّهَرُ
انْهَضْ إلى العِلْمِ في جِدٍ بِلا كَسَلِ ... نُهُوضَ عَبْدٍ إلى الخَيْرَاتِ يَبْتِدرُ
واصْبِرْ على نَيْلِهِ صَبْرَ المُجِدِّ لَهُ ... فَلَيْسَ يُدْرِكُهُ مَنْ لَيْسَ يَصْطَبَرُ
فَكَمْ نُصُوص أَتَتْ تُثْنِي وَتَمْدَحُهُ ... لِلْطَّالبينَ بها مَعْنَى وَمُعْتَبَرُ
أَمَا نَفَي الله بَيْنَ العَالَمِيْنَ بِهِ ... وَالجَاهِلِيْنَ مُسَاوَاةً إِذَا ذُكِرُوْا
وَقَالَ لِلْمُصْطَفَى مع ما حَبَاهُ به ... ازْدَدْ من العِلُمِ في عِلْمٍ به بَصَرُ
وَخَصَّصَ اللهُ أَهْلَ العِلْمِ يُشْدُهُم ... على العِبَادة والتَّوحِيْدِ فَاعْتَبِرُوْا
وَذَمُّ خَالِقنَا لِلْجَاهِلِيْنَ به ... في ضُمْنِهِ مَدْحُ أَهْلِ العِلْمِ مُنْحَصرُ
وفي الحَدِيْثِ إنْ يُرِدْ رَبُّ الوَرَى كَرمًا ... بِعَبْدِهِ الخَيْرَ وَالمَخْلُوقُ مُفْتَقِرُ
أَعْطَاهُ فِقْهًا بِدِيْنِ اللهِ يَحْمِلُهُ ... يَا حَبَّذَا نِعَمًا تَأْتِي وتُنْتَظَرُ
أَمَا سَمِعْتَ مِثَالاً يُسْتَضَاءُ به ... وَيِسْتَفِزُّ ذَوِي الأَلْبَابِ إِنْ نَظَرُوْا
بأنَّ عِلْمَ الهُدَى كَالغَيْثِ يُنْزِلُهُ ... على القُلُوبِ فمنها الصَّفْوُ والكَدَرُ
أَمَّا الرِياضُ التي طَابَتْ فَقَدْ حَسَنُتْ ... منها الرُبَى بِنَبَاتٍ كُلُّه نَضِرُ
فَأَصْبَحَ الخَلْقُ والأَنْعَامُ راتِعَةً ... بِكُلِّ زَوْجٍ بَهِيْجٍ ليس يَنْحَصِرُ
وَبَعْضُها سَبَخٌ لَيَسْتَ بِقَابِلَةٍ ... إِنْبَاتَ عُشَّبٍ به نَفْعٌ وَلا ضَرَرُ
يَكْفِيْكَ بِالعِلْمِ فَضْلاً أَنَّ صَاحَبَهُ ... بِالعِزِّ نَالَ العُلا وَالخَيْرُ يُنْتَظَرُ
يَكْفِيْكَ بالجَهْلِ قُبْحًا أنَّ صَاحَبَهُ ... يَنْفِيْهِ عَن نَفْسِهِ وَالعِلْمُ يُبْتَكَرُ
يَكْفِيْكَ بالجَهْلِ قُبْحًا أنَّ مُؤْثِرَهُ ...