فَتَنْعِيْمُهُ لِلرُّوْحِ والجِسْمِ يَحْصُلُ
وَأَرْواحُ أَصْحَابِ الشَّقَاءِ مُهَانةٌ ... مُعَذَّبَةٌ لِلْحَشْرِ وَاللهُ يَعْدِلُ
وَإِنَّ مَعَادَ الرُّوْحِ وَالجِسْمِ وَاقِعٌ ... فَيَنْهَضُ مَن قَدْ مَاتَ حَيًّا يُهَرْوِلُ
وَصِيْحَ بِكْلِّ العَالَمِيْنَ فَأَحْضِرُوا ... وَقِيْلَ: قِفُوهُمْ لِلْحِسَابِ لِيُسْأَلُوا
فَذَلِكَ يَومٌ لا تُحَدُّ كُرُوْبُهُ ... بِوَصْفٍ فإِنَّ الأَمْرَ أَدْهَى وَأَهْوَلُ
يُحَاسَبُ فِيْهِ المَرْءُ عَنْ كُلِّ سَعْيِهِ ... وَكُلٌّ يُجَازَى بِالذِي كَانَ يَعْمَلُ
وَتُوْزَنُ أَعْمَالُ العِبَادِ جَمِيْعُهَا ... وَقَدْ فَازَ مَن مِيْزَانُ تَقْوَاهُ يَثْقُلُ
وَفي الحَسَنَاتِ الأَجْرُ يُلْقَى مُضَاعَفًا ... وَبِالمِثْلِ تُجْزَى السَّيِئَاتُ وَتَعْدَلُ
وَلا يُدْرِكُ الغُفْرَانَ مَن مَاتَ مُشْرِكًا ... وَأَعْمَالُهُ مَرْدُوْدَةٌ لَيْسَ تُقْبَلُ
وَيَغْفِرُ غَيْرَ الشِرْكِ رَبِّي لِمَنْ يَشَا ... وَحُسْنُ الرَّجَا وَالظَّنِّ باللهِ أَجْمَلُ
وَإِنَّ جِنَانَ الخُلْدِ تَبْقَى وَمَنْ بِهَا ... مُقِيْمًا عَلَى طُوْلِ المَدَى لَيْسَ يَرْحَلُ
أُعِدَّتْ لِمَنْ يَخْشَى الإِلَهُ وَيَتِّقِي ... وَمَاتَ عَلَى التَّوحِيدِ فَهُوَ مُهَلَّلُ
وَيَنْظُر مَن فِيْهَا إِلى وَجْهِ رَبِّه ... بِذَا نَطَقَ الوَحْيُ المُبِيْنُ المُنَزَّلُ
وَإِنَّ عَذَابَ النَّارِ حَقٌّ وَإِنَّهَا ... أُعِدَّتْ لأَهْلِ الكُفْرِ مَثْوَى وَمَنْزِلُ
يُقِيْمُونَ فِيْهَا خَالدِيْنَ عَلَى المَدَى ... إِذَا نَضِجَتْ تِلْكَ الجُلُودُ تُبَدَّلُ
وَلَمْ يَبْقَ بِالإِجْمَاعِ فِيْهَا مُوَحَّدٌ ... وَلَوْ كَانَ ذَا ظُلْمٍ يَصُوْلُ وَيَقْتُلُ
وَإِنَّ لِخَيْرِ الأَنْبِيَاءِ شَفَاعَةً ... لَدَى اللهِ في فَصْلِ القَضَاءِ فَيَفْصِلُ
وَيَشْفَعُ لِلْعَاصِيْنَ مِنْ أَهْلِ دِيْنِهِ ... فَيُخْرِجُهَم مِن نَارِهِمْ وَهِيَ تَشْعَلُ
فَيُلْقَونَ في نَهْرِ الحَيَاةِ فَينْبتُوا ... كما في حَمِيْل السَّيْلِ يَنْبُتُ سُنْبُلُ
وإن لَهُ حَوْضًا هَنِيْئًا شَرَابُهُ ... مِن الشَّهْدِ أَحْلَى فَهْوَ أَبْيضُ سَلْسَلُ
يُقَدَّرُ شَهْرًا فِي المَسَافَةِ عَرْضُهُ ...