وشمالاً إلى من حولك من الخلق وهم يتهافتون قدامك في جهنم وأنت تخشى أن تتبعهم إلى قعر جهنم.
فتصور هذا بعقلك ما دمت في قيد الحياة قبل أن يحال بينك وبينه فلا يفيدك التفكير لعلك أن تتلافى تفريطك وتحاسب نفسك قبل أن يفوت الأوان فتبوء بالفشل والخيبة والحرمان.
وتصور حالتك إن بؤت بالخسران وزلت رجلك عن الصراط ووقعت فيما كنت تحاذر وتخاف وطار عقلك ثم زلت رجلك الأخرى فنكست على هامتك وعلت رجلاك فلم تشعر إلا والكلوب قد دخل في جلدك ولحمك.
فجذبت به وبادرت إليك النار ثائرة غضبانة لغضب مولاها وقد غلب على قلبك الندم والتأسف على أوقات ضيعتها فيما يسخط الله.
وتصور سماعك لنداء النار بقوله عز وجل:{هَلِ امْتَلَأْتِ}[ق: ٣٠] وسمعت إجابتها له {هَلْ مِن مَّزِيدٍ}[ق: ٣٠] . وهي تلتهب في بدنك لها قصيف في جسدك ثم لم تلبث أن تفطر جسمك وتساقط لحمك وبقيت عظامك محترق تطلب منهم ماء أو نحوه فأجابوك بالرد والخيبة فتقطع قلبك حسرة وأسفًا.
قال الله جل وعلا وتقدس:{وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قَالُواْ إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ}[الأعراف: ٥٠] فيا خيبة من هذا حاله وهذا مآله.
لقد تقطع قلبك حزنًا إذ خيبوا أملك فيهم وبما رأيت من غضبهم عليك لغضب ربك عز وجل ففزعت إلى الله بالنداء بطلب الخروج منها فبعد مدة الله أعلم بها جاء الجواب:{اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ}[المؤمنون: ١٠٨] .
فلما سمعت النداء بالتخسئة لك ولأمثالك بقي نفسك من شدة الضيق