للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فلان قد شقي شقاء لا يسعد بعده أبدًا.

وتصور الصراط وهو الجسر المنصوب على متن جهنم قدامك وتصور ما يحل بك من الوجل والخوف الشديد حين رفعت طرفك فنظرت إليه بدقته وحوضه وجهنم تضطرب وتتغيض وتخفق بأمواجها من تحته.

فيا له من منظر ما أفظعه وأهوله وسماعك شهيقها وتغيظها وقصف أمواجها وجلبة ثورانها من أسفلها وقد اضطررت على المشي عليه وقد مرت عليك صفته.

ثم قيل لك وأنت تنظر إلى الجسر بفظاظته وفظاعته وقيل للخلق معك اركبوا الجسر الذي هو الصراط فتصور حالتك وخفقان قلبك ورجفان جسمك مما عاينت من المزعجات والكروب والشدائد والأهوال وعظائم الأمور وقلة المأكل والمشرب والراحة.

ولما قيل اركب طار عقلك رعبًا وخوفًا ثم إذا رفعت رجلك وأنت تنتفض لتركب الجسر فوقع قدمك على حدته ودقته فازداد فزعك وازداد رجفان قلبك ورفعت رجلك الأخرى وأنت مضطرب تتمروج من شدة الخوف العظيم وقد أثقلتك الأوزار وأنت حاملها على ظهرك وأنت تنظر إلى الناس يتهافتون من بين يديك ومن ورائك.

فتصور مرورك عليه بضعفك وثقلك وأوزارك وقلة حيلتك وأنت مندهش مما تحتك وأمامك ممن يئنون ويزلون وقد تنكست هاماتهم وارتفعت أرجلهم وآخرون يختطفون بالكلاليب وتسمع العويل والبكاء والأصوات المزعجات المناديات بالويل والثبور.

فيا له من منظر فظيع ومرتقى ما أصعبه ومجاز ما أضيقه ومكان من أهوله وموقف ما أشقه وكأني بك مملوء من الذعر والرعب والقلق ملتفتًا يمينًا

<<  <  ج: ص:  >  >>