أَلَيْسَ بِحَتْمٍ بَعْدَ ذَاكَ حِمَامُ
فَبَيْنَ البَرايَا والخُلُودِ تَبَايُنٌ ... وَبَيْنَ المنايَا والنُّفُوسُ لِزَامُ
قَضيَّة انْقَادَ الأَنَامُ لِحكْمِهَا ... وما حَادَ عَنْهَا سَيِدٌ وَغُلامُ
ضرورية تقضي العقولُ بِصدْقها ... سَلْ إن كانَ فيها مِرْيَةٌ وخِصَامُ
سَل الأَرْضَ عن حالِ الملوكِ التي خَلَتْ ... لهم فَوقَ فَوقَ الفرقدين مَقَامُ
بأبوابهم لِلوافِدِين تَراكُم ... باعتابِهم للعاكِفين زِحامُ
تُجْبكَ عن أسرار السيوفِ التي جَرَتْ ... عَليْهم جَوابًا لَيْسَ فِيه كَلامُ
بِأَنَّ المنايَا أَقَصْدَتهُم نِبَالُها ... وما طَاشَ عن مَرْمَى لَهُنَّ سِهَامُ
وَسِيقُوا مَسَاق الغابِرينَ إلى الردى ... وأقفرَ منهم مَنزَلٌ وَمَقَامُ
وحَلُوا محلاً غَيْرَ ما يَعهدُونه ... فَلَيْسَ لهم حتى القيام قِيَامُ
أَلَمَّ بِهم رَيبُ المنونِ فَغَالَهُم ... فهم بَيْنَ أَطباقِ الرُغَامِ رُغَامُ
انتهى
(فصل)
اعلم وفقنا الله وإياك وجميع المسلمين لما يحبه ويرضاه أن من رضي عن نفسه استحسن حالها وسكن إليها ومن استحسن حال نفسه وسكن إليها استولت عليه الغفلة.
وبالغفلة ينصرف قلبه عن التفقد والمراعاة لخواطره فتثور حينئذ دواعي الشهوة على العبد.
وليس عنده من المراقبة والملاحظة والتذكير ما يدفعها به ويقهرها.
فتصير الشهوة غالبة له بسب بذلك ومن غلبته شهوته وقع في المعاصي.