الإنساني، وهي قادرة على تصوير العالم من زاوية معينة، وهنا يكمن الفرق بين المستوى العلمي للغة باصطلاحاته الفنية المجردة، والمستوى العملي بواقعيته وعموميته.
وتقوم هذه النماذج على أساس انتزاع بعض الصفات، وتحريرها من سياقها العام، ثم إبرازها وإلقاء الضوء عليها، مع إعطاء مغزى لها يميزها وييسر فهمها. ومن الطبيعي أن تقوم هذه العملية على أساس التضحية بالتفاصيل، وعدم الاحتفاظ بالنسب الحقيقية في الشخصية الأصلية، من أجل خلق النموذج المبسط الذي يفهمه الناس. فالعامل والفلاح والطالب والمدير والزنجي واليهودي والأمريكي والأوروبي واللص والشرير كل هذه نماذج بشرية تقدم في بضع خطوط أو لمسات شديدة الاختزال تبعد عن الحقيقة الكاملة بتفاصيلها الكثيرة المتشعبة.
وما أشبه فن النماذج بفن الكاريكاتور! إن البطل عادة وسيما مديد القامة، متناسق الأعضاء، بينما يظهر الشرير قبيح الصورة، منعدم الاتساق في قسماته وأعضاء جسمه، وقد يضيف الوشم أو ندبة الجرح القديم إلى نموذج الشخصية الإجرامية ما يسهل تمييزها.
لا يقتصر أمر النماذج على الشخصيات بل يتجاوزها إلى الأفكار والعقائد والمذاهب. فهناك أفكار ثابتة عن الشيوعية أو البرجوازية أو الرأسمالية. وتتلقى الجماهير ثقافتها ومعلوماتها من خلال هذه النماذج. وتتضح خطورة هذه النماذج عند المبالغة في التبسيط. فليس غربيا أن نجد الزنوج كسالى والعرب متخلفين والإيطاليين مجرمين واليهود ماكرين خبثاء والأيرلنديين مخرفين حالمين، والرجل الأبيض تقدميا عظيما، والرجل الملون مهضوم الحق حقيرا، فضلا عن معاني الحرية والديمقراطية والاشتراكية والشيوعية التي تتردد كذلك بنفس البساطة النمطية، التجسيد السريع برسم خطوط عاجلة.