"ولما حان توريد أصناف المزروعات من ذلك الموسم، التي هي عبارة عن القطن والأرز والسمسم، وكان قد آن الوقت الذي يتوجه فيه جنابه إلى أقاليم الوجه المذكور، لترتيب المواد الشتوية وغيرها من سائر الأمور، حرك من الإسكندرية ركاب جواده السمند، صبيحة يوم الخميس التاسع عشر من رجب الفرد، أحد شهور السنة العظيمة الميمنة، وسار على رجع السرعة، حتى نزل يقصر حضرة محرم بيك الكائن بشاطيء الترعة، وبعد أن جلس فيه جلسة خفيفة، انتقل منه إلى قنحته الشريفة، وما زال سائرا بعد ذلك إلى أن وصل ... وبات هناك ... ".
"وحيث إن التراخي الحاصل من محيي الدين أفندي كان سببا لعزله عزل ولقب إبراهيم أغا بدلا منه في محله، ولقن المدير إليه من الوصايا".
وهكذا كانت تنشر الأخبار دون ترتيب لعناصر المهمة، بل إن أهم عنصر في الخبر -وهو عزل الموظف وتعيين بدله- وقد جاء في نهاية الخبر، ويلاحظ أن السجع المتكلف هو طريقة التحرير العادية، ولم يكن يفصل بين الأخبار إلا فراغ أبيض، وحروف الطباعة كلها من نوع واحد يصل إلى بنط ٢٤، أما العناوين فقد كانت غير موجودة بالمرة ثم أخذت تتخذ شكلا عاما غير مخصص مثل: أخبار داخلية وأخبار خارجية وأدبيات ونسائيات والأقاليم وتلغرافات عمومية. وهكذا كانت العناوين كأسماء فصول الكتب أو أبواب المؤلفات دون تخصيص للمضمون خلافا لما تفعل الصحف الحديثة حين تبرز في العنوان ملخصا دالا على الخبر أو الموضوع.
ثم أخذت الصحف تبتعد تدريجيا عن إخراج الكتب عاما بعد عام، وأخذت الأعمدة تضيق وتتعدد. فكانت الأهرام مثلا تظهر في ثلاثة أعمدة عند بدء صدورها، ثم تطورت بعد ذلك وتعددت أعمدتها فأصبحت أربعة ثم خمسة سنة ١٨٨٦، ثم ستة في سنة ١٨٩٠، ثم سبعة في سنة ١٨٩٧ حتى وصلت إلى ثمانية أعمدة، وإن كانت قد عادت مرة أخرى إلى نظام السبعة سنة ١٩٣١.
ووتتجه الصحافة الحديثة إلى النمطية في شكلها وحجمها. فهناك الصحف العادية وهي ذات نمط واحد فيبلغ طولها نحو ٥٦ سم وغرضها نحو ٤٢ سم،