الذي تعلموه من البعثات التبشيرية وأساتذة الجامعة الأمريكية، وخاصة ما يتصل بالعلوم والفنون. ومن ذلك مثلا تاريخ أهرام الجيزة الذي نشر في جريدة الأهرام بعددها الأول الصادر في ٥ أغسطس، ومن ذلك أيضا تحقيقات بشارة تقلا عن رحلته في الأستانة.
غير أن تطور الصحافة المصورة بمجلاتها الجديدة مثل الهلال واللطائف وسركيس والحكمة والثريا والأرغول والكشاف قد استطاعت أن تقفز بفن التحقيق الصحفي عدة خطوات إلى الأمام. وقد كانت التحقيقات تدول حول الأخبار الجديدة مثل هزيمة أتباع المهدي وفرار التعايشي إلى كردفان. وتحتوي التحقيقات على عناصر التشويق المختلفة بأسلوب سهل مألوف للقارئ العادي.
ومن الطريف أن مجلة اللطائف الصادر سنة ١٨٨٦ قد تخصصت كما يتضح من اسمها في نشر التحقيقات الطريفة، "لاحتوائها على كل لطيفة" على حد قول صاحبها شاهين مكاريوس. ولكن ليس معنى هذا أنها كانت مجرد تحقيقات خفيفة هشة، بل لقد كانت معظمها، في حقيقة الأمر، مبنية على دراسة جادة، ومدعمة بالصور. ويبدو أن كاتب التحقيق، كان يدرك منذ البداية أن فنه فن موضوعي وليس فنا ذاتيا، فلا ندهش من أنه ما كان يوقع باسمه على التحقيق إلا نادرا.
ثم جاءت القفزة الثانية لفن التحقيق الصحفي بازدهار فن طباعة الرتوجرافور أو فن الطباعة الغائرة الملونة. فكانت مجلة اللطائف المصورة الصادرة سنة ١٩١٥، ومجلة المصور الصادرة سنة ١٩٢٤، والبلاغ الأسبوعي المصورة الصادرة سنة ١٩٢٦، والجديد الصادرة سنة ١٩٢٨، والدنيا المصورة ومصر الحديثة المصورة الصادرتان سنة ١٩٢٨ أيضا، طلائع رائعة لرقي فن التحقيق الصحفي.
وتطالعنا مجلة المصور في عددها الأول الصادر في ٤ أكتوبر سنة ١٩٢٤ بافتتاحية تؤكد فيها أنها تطبع صور الأشخاص والحوادث والمشاهد بطريقة متقنة للغاية وكأنها صور فوتوغرافية، وهي إشارة إلى فن طباعة الروتوجرافور،