للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

روى الزُّبَيْرُ بن بكَّار، عن سُهَيل بن أبي صالح، عَنْ سليمان بن سُحَيْم أنَّهُ حَدَّثَهُ "أَنَّ يَهُودِيًا أتى ابن الزُّبَيْر فقال له: افَتَحِ الكَعْبَةَ، فَفَتَحها لَهُ فَأَسْلَمَ ثُمَّ قال لَهُ: اسْتَوْصِ بِأَهْلِ المدينَةِ خَيْرًا، فإنَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - كان بِبَلَدِكم هذا فَأخْرَجُوهُ إلى المدينة، والذي نَفْسي بِيَدِهِ إنَّ تُرْبتها لَمُؤمِنَة، ولو أنَّكَ لا تَعْلَمُ ذلك، إلَّا أَنَّ الله عزَّ وَجَلَّ جَعَلَ جَسَدَهُ فيها، ولَمْ يَكُن الله تعالى لِيَجْعَل جَسَدَهُ إلَّا في تُرْبَةٍ مُؤمِنَةٍ، والذي نَفْسِي بيَدِهِ إنَّها عِنْدَنا في التَّوْراةِ لمكتوبَة مؤمِنَة، وإن الملائِكة لمَتُشَبِثَةٌ بأنقابِها لا يَدْخُلُها المَسِيحُ ولا الطَّاعون".

وروينا من عِنْد الزُّبير بِسَنَدِه إلى صيفي بن عامِرٍ حديثًا نذكُرُهُ في باب الفضائل إن شاء الله تعالى، وفيه: "والذي نَفْسِي بِيَدِه إنَّ تُرْبتها لَمُؤْمِنَةٌ، وإنَّها لَشِفَاءٌ مِنَ الجذَام" (١).

ومِنَ الدَّليل على أنَّها مُؤمِنَةٌ كونُها كالإنسانِ المُؤمِنِ، فإنَّها لا تقبلُ الغِشَّ والخبث كما أن المُؤمِنَ لا يَقْبَلُ الخَبَثَ والنِّفاق.

المبارَكَةُ: سُمِّيَتْ المدينة مباركَةً لأنَّه بورك (٢) فيها، والبَرَكَةُ في اللُّغَةِ: النَّماءُ والزِّيادَة، والبركَةُ - أيضًا - الخَيْرُ والسَّعادَة، والتَّبْرِيكُ: الدُّعاءُ بالبَرَكةِ، ويقال: بارَكَ الله لك وبارك فيك، وبارك عَلَيْكَ، وباركك (٣)، كل ذلك بِمَعْنَى، أي: حلَّتْ عليكَ البَرَكَةُ. وبارَكَ على الأمْرِ: واظَبَ. وتَبَرَّك: تَيَمَّنَ، وشَيءٌ بَرِيكٌ مُبَارَك فيه، والمدينَةُ مبارَكَةٌ لا مِرْيَة فيها: لما رُوِّيْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عَنْهُ يرفَعُهُ: "اللهُمَّ بارِك لنا في ثمرنا، اللهُمَّ بارك لنا في مَدِينتَنا، وبارِك لنا في صاعِنا، وبارِك لنا في مُدِّنا، اللهُمَّ إنَّ إِبراهيم عَبْدُكَ وخَليلك


(١) تقدم تخريجه في هذا الباب.
(٢) في الأصل: (لأنها بوركت) والصّواب ما أثبتناه.
(٣) في الأصل: (وبارك له)، والتصويب من القاموس (برك) ص ٩٣٢.