للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ذهَبَتْ قرَيَشٌ بالمفاخِرِ كُلِّها … واللُّؤم تَحْتَ عمائِمِ الأنْصَار (١)

وذَلِكَ أَنَّ عبد الرَّحمن بن حَسَّان، وكان مِنَ الأنْصَار، شَبَّبَ بِبِنْتٍ لِمُعاوية (٢) فَقَال:

ثمَ خاصَرْتُها إلى القبَّةِ الخَضْرا … ءِ تَمْشي في مَرْمَرٍ مَسْنُونِ (٣)

فَحَمل يزيدُ بن معاوية الأخْطَل على هِجاءِ الأنْصَار، فَقَال شِعْرًا فِيهِ البَيْتُ المُتَقَدِّم، فَدَخَلَ النُّعْمان بن بَشيرٍ الأنْصَاري على مُعَاوية، ووَضَعَ عِمامَتَهُ عن رَأْسِهِ فقال: يا معاوية هل تَرَى لُؤمًا؟ قال: بَلْ أرى كرمًا فما ذاك؟! فأخْبَرهُ بِما قال الأخْطَلُ، فوهَبَ لَهُ لِسانَهُ. فَمَنَعَهُ يزيد، وقال: هو جاري (٤).

والأنْصَار: واحِدُهم ناصِرٌ، سُمُّوا بذَلِكَ لِنَصْرِهم رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بأمْوَالِهِم وأَنْفُسِهم، ومدَحَهم الله تعالى في كتابِهِ العزيز فقال: {وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا} (٥) وذلك أَنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لمَّا هاجرَ إليهم، ونَزَلَ عليهم سُرُّوا بِمَقْدَمهِ وفَرِحُوا بِمَأْتاه، ثُمَّ آوَوْهُ ونَصَرُوهُ فَسَمَّاهم رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بهذا الاسم، وأَثنى عَلَيْهِم فقال (٦): "الأنْصَار كَرْشي وعيبتي (٧)، ومَعْدِن سِرِّي" (٨) "ولو سَلَكَ النَّاسُ وادِيًا وسلكت


(١) ديوانه ص ٤٨٣.
(٢) هي رملة بنت معاوية.
(٣) ديوانه ص ٦٠.
(٤) الأغاني ١٣/ ١٤١ - ١٤٢.
(٥) سورة (الأنفال) الآية: ٧٢، والآية: ٧٤.
(٦) الحديث في صحيح البخاري، مناقب الأنصار: ٢١١، وصحيح مسلم: فضائل الصحابة: ١٧٦.
(٧) الكَرشُ من الناس: الجماعة، أراد جماعتي وصحابتي الذين أثق بهم وأعتمد عليهم.
وقوله وعيبتي: عيبة الرجل موضع سره، والذين يأتمنهم على أمره. غريب الحديث لأبي عبيد ١٨٦.
(٨) جزء من حديث طويل عن أنس بن مالك رضي الله عنه، يرفعه ولفظه "الأنصار كرشي =