للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الأنْصَار شِعْبًا لَسَلَكْتُ شِعْبَ الأنْصَار، ولولا الهِجْرَةُ لكُنْتُ امْرَءًا مِنَ الأنْصَار" (١).

وهذان اسْمانِ سَمَّى بِهما رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابَه، لَمْ يُسَمَّ بِهِما أحَدٌ قَبْلَ ذلك. قال الكُمَيْتُ:

في طَلَقٍ مِيحَ للأوس (٢) والخَزْ … رَجِ ما لا تَضَمَّنُ القُلُبُ

مَجْدُ حياةٍ وَمَجْدُ آخِرَةٍ … سَجْلان لا يَنْزَحانِ ما شَرِبُوا

واسْمٌ هُوَ المُسْتَفَادُ لا النَّبْزُ الـ … ــــكاذِبُ مَنْ قالَهُ ولا اللقَبُ

لا مِنْ تلادٍ ولا تُراث أبٍ … إلَّا عَطاءَ الذي لَهُ غَضِبُوا (٣)

يقول: كانت هجرة رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - في وجه رزق الله عَزَّ وَجَلَّ فيه الأوس والخَزْرج، فَمَنَح لهم مَجْدَ حياةٍ ومَجْدَ آخِرَة لم يُمَحْ لهم الماء الذي يَخْرُجُ مِنَ القُلُبِ. مثَّل المَجْدَ الذي أعطاهُ الله عَزَّ وَجَلَّ الأنْصَار فصارَ فخرًا لَهُم في الدنيا وَذُخْرًا لَهُم في العُقْبى، وَهُوَ مَجْدُ حَيَاةٍ ومَجْدُ آخِرَةٍ سَجْلانِ لا يَنْزَحان. والسَّجْلانِ: الدَّلوانِ العَظِيمان، جَعَلَهُ مِثالًا لِذلك. ولا ينزحانِ: لا ينفدان. ثُمَّ قال: اسْمٌ هو المستفاد، ليس بنَبْزٍ ولَقَبٍ كاذِبٍ، ثُمَّ هو اسْمٌ حَقٌّ؛ أَرَادَ أنَّهُم سُمُّوا الأنْصَار لِنَصْرِهم رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَلَيْسَ هذَا الاسْمُ مِنْ تلادٍ ولا تُرَاثٍ لكن عطاء الله عَزَّ وَجَل، لأنَّهُم غَضِبُوا لله تعالى فَأعطَاهُمُ الله تبارك وتعالى ذلك


= وعيبتي". أخرجه البخاري، في فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم"، رقم: ١٠٨٣. ومسلم، في فضائل الصحابة، باب من فضائل الأنصار رضي الله عنهم، رقم: ٢٥١٠.
(١) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. أخرجه البخاري، في فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: لولا الهجرة لكنت امرءًا من الأنصار، رقم: ٣٧٧٩.
(٢) في الأصل: (في طلق وجه ميح فيه الأوس) وهو خطأ، إذ لا يستقيم الوزن، والصَّواب ما أثبت من الديوان وشرح الهاشميات.
(٣) ديوانه ٤/ ٢٠١، شرح هاشميات الكميت ص ١١٦.