للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْبَأْنَا أبو اليُمْن زَيد بن الحَسَن الكِنْديّ، عن أبي عَبْد اللهِ مُحمَّد بن نَصْر بن صَغِير القَيْسَرَانِيّ، قال: قال أبو عَبْد اللهِ ابن الخيَّاط: رأيتُ الأَمِير ابن المُهَنَّد أبا نَصْر أحْمَد بن حَمْزَة الخَيْشِيّ بطَرابُلُس، وكنا نجْتَمع على الطَّرِيق وكانَ يتَشَوَّق إليَّ أبدًا، واجتَمَعْنا يومًا في أوَائل شهْر رمَضَان، فعَرَضَ عليَّ الإفْطارَ عندَهُ، فامتَنَعْتُ، فلم يُراجعنيّ، وافْتَرقنا، وأتبَعَني غُلَامَهُ وأنا لا أعلَمُ، فعرفَ البيْتَ، ورصَدَني إلى حين خُرُوجي فخالفَني إليهِ فَفَشَّ القُفْلَ (١)، ونَقل جميعَ ما فيه إلى بَيْت مَوْلاهُ، فلمَّا انصرَفْتُ عِشَاءً، وعايَنْتُ بَيْتي، ظنَنْتُ أنِّي سُرِقْتُ، وإذا الأَمِيرُ الخَيْشِيّ قد وافَاني يَضْحَكُ، فعلِمْتُ أنَّهُ صاحِبُ القِصَّة، وما بَرحَ حتَّى انصَرَفْتُ معَهُ، فأقْمتُ عندَهُ الشَّهْرَ كُلَّهُ.

قال أبو عَبْد اللهِ: ورأيتُهُ في هذا الشَّهْر وقد بَيَّضَ سَبْعًا وعشرين قصيدَةً لجَمَاعَة من الطَّرابلسِيِّيْنَ وصار إليهِ منهم نحو مائتي دينارٍ، فعرَضَ عليَّ القِسْمَة فما فَعَلْت، ولم يَحْصُل لي أنا شيءٌ.

قال القَيْسَرَانِيُّ: وكان أبو عَبْد اللهِ يَرْوي له أشْعَارًا جَيِّدةً منها القِطْعَةُ الّتي عَمِلَها في ابن الأحْمَر (٢): [من الطّويل]

هُو البَيْنُ لَا أشْكُو الصَّبَابَةَ لولَاهُ

قال: وكان أبو عَبْد اللهِ يَسْتَجِيْدُها ويَعْجبُ من قَوْله فيها في صِفَة الطَّبِيْب، كذا.


(١) فَشَّ القُفل: فتحه بغير مفتاح. لسان العَرَب، مادة: فشش.
(٢) صدر بيت وعجزه:
وما قدَرٌ يجدي على المرء شكواهُ
انظر: عنوان الشرف الوافي لابن المقرئ (ط ٥، قطر، ١٩٨٥ م) ١٩٩ دون عزو.

<<  <  ج: ص:  >  >>