للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغَلَبَةُ في طُول الدَّهْر علينا، فيأتُونَ صَاحبَ رُوْمِيَة فيُخْبرونَهُ بذلك فيُوجِّهُ بثمانين غَايَةً (١) تحتَ كُلّ غايَةٍ اثنا عَشَر ألْفًا في البَحْر، ويقُول لهم صَاحبُهُم: إذا أَرْسَيْتُم بسَوَاحل الشَّامِ، فَحَرِّقُوا المراكب لتقاتلُوا عن أنفُسِكُم فيَفْعَلونَ ذلك، ويأْخُذَونَ أرضَ الشَّام كُلَّها بَرَّهَا وبَحْرَهَا ما خَلا مَدِينَةَ دِمَشْق والمُعْنِق، ويُخْرِّبُونَ بَيتَ المَقْدِس.

قال: فقال ابنُ مَسْعُود: وَكَم تَسَعُ دِمَشْقُ من المُسْلِمِيْن؟ فقال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: والذي نَفْسي بيده لتتَّسِعَنَّ على مَنْ يأتها من المُسْلِمِيْن كما تَتَّسِعُ الرَّحمُ على الولدِ، قال: قُلتُ: وما المُعْنِقُ يا نَبيّ الله؟ قال: جَبَلٌ بأرض الشَّام من حِمْصَ على نَهْر يُقالُ لهُ الأُرُنْط (a)، فتكون ذَرَارِي المُسْلِمِيْنَ في أعْلَى المُعْنِقِ والمُسلِمُونَ على الأُرُنْط، يُقاتلونَهُم صَباحًا ومَسَاءً، فإذا أبْصَرَ ذلك صَاحبُ القُسْطَنْطِينِيَّة، وَجَّهَ في البَرِّ إلى قِنَّسْرِيْن ثلاثمائة ألف (b) حتَّى تَجيئَهُم مادَّةُ اليَمَن سَبْعُون ألفًا، ألَّفَ الله قُلُوبهُم بالإيمان، فيهم أربعُونَ ألْفًا من حِمْيَر، حتَّى يأتُوا بَيتَ المَقْدِس، فيُقَاتلونَ الرُّومَ، فيَهْزمونَهم ويُخرجُونَهُم من جُنْدٍ إلى جُنْدٍ حتَّى يأتُوا قِنَّسْرِيْن، وتَجِيئُهم مادَّةُ المَوَالِي، قال: قلتُ: وما مادَّةُ المَوَالِي يا رسُول الله؟ قال: هُمْ عَتاقَتُكم، وهم منكم؛ قَوْمٌ يَجِيْئُون من قِبَلِ فَارِس، فَيَقُولُونَ: تَعَصَّبْتُم يا مَعْشَرَ العَرَب! لا نكُون مع أحدٍ من الفَرِيقَيْن، أو تجتَمع كلمتكُم، فتُقَاتِل نِزَارٌ يَوْمًا، واليَمَنُ يَوْمًا، والمَوَالِي يَوْمًا، فيُخْرجُونَ الرُّومَ إلى المُعْنِق (c)، ويَنْزِلُ المُسلِمُونَ على نَهْرٍ يقال كَذَا وكَذَا، والمُشْرِكون على نَهْرٍ يُقالُ لهُ الرّقيَّة (d)، وهو النَّهْرُ الأَسْوَدُ، فيُقاتلونَهُم، فيَرْفَعُ نَصْرَهُ عن العَسْكَرين، ويُنْزل صَبْرهُ عليهما، حتَّى يُقْتَلَ من المُسْلِمِيْن ثُلُثٌ، ويَفرّ ثُلُثٌ، ويَبْقَى الثُّلُث.


(a) بعده في كتاب الفتن: "والمشركون خلف نهر الأرنط".
(b) في كتاب الفتن ٤١٨: ستمائة ألف.
(c) كتاب الفتن ٤١٩: العمق.
(d) كتاب الفتن ٤١٩: الرقبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>