للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يَقْتُلُونَ، ويَوْمئذٍ يَفْترقُ جَيْشُ المُسلمِين أربَع فرقٍ: فِرْقة يَسْتَشْهدُون، وفِرْقة تَصْبِر، وفِرْقَة تَفِرُّ، وفرقة تَلْتَجئ (a) بعَدُوِّها.

قال: ويَشُدّ الرُّومُ على العَرَب شدَّةً، فيُقْبل (b) خليفَتُهم القُرَشِيّ اليَمَانيّ الصَّالِح في ثلاثةِ آلاف، فيُؤمِّرُونَ عليهم أميرًا ومعَهُ سَبْعُون أميرًا كُلّهُم صَالحٌ صَاحب رايَة، فالمَقْتُول والصَّابِر يَوْمئذٍ في الأجْر سَواءٌ، ثمّ يُسلِّطُ اللهُ على الرُّوم ريحًا وطَيرًا تَضْرب وجُوهَهُم بأجْنحتها فتَفْقَأ أعيُنَهُم وتنصَدِع بهم الأرْض، فيتَحلحَلُوا (c) في مَهْواةٍ بعدَ صَوَاعق ورَواجف تُصِيْبُهم، ويُؤيِّدُ اللهُ الصَّابِريْنَ، ويُوجِبُ لَهُم من الأجْرِ كما أوْجَب لأصْحَاب مُحمَّدٍ عَليهِ السَّلامُ، ويَملأُ قلوبَهُم وصُدُورَهُم شَجاعةً وجُرْأةً، فإذا رأت الرُّوم قلَّة الفرقَةِ الصَّابِرَة طَمعَتْ، فقَالَتْ: ارْكَبُوا كُلّ حافرٍ فطَؤُوهُم وانْبذُوهُم (d)، فيقُومُ رَاكِبٌ من المُسْلِمِيْن على سَرْجِهِ (e) فيَنْظُر عن يَمينه وشَمالهِ وبين يديهِ فلا يَرَى طَرَفًا ولا انْقطَاعًا. فيقُول: أتاكُم الخَلْقُ، ولا مَدَدَ لكم إلَّا اللهُ، فمُوتُوا وأَميْتُوا، فيُبَايعُونَ رَجُلًا منهم بَيْعَة خلَافةٍ، فيأمرهُم فيُصلُّونَ الصُّبْحَ، فيَنْظُرُ اللهُ إليهم، فيُنْزل عليهم النَّصْرَ، ويَقُول: لم يَبْقَ إلَّا أنا وملائكتي وعِبَادِي المُهاجِرونَ، اليوم مأْدُبَةُ الطَّيْر والوُحُوشِ، لأطعمنَّهَا لُحُومَ الرُّوم وأنْصَارِهَا، ولأسْقيَنَّها دِمَاءَهُم، فيَفْتح ربُّكَ خَزائن سلَاحهِ الّتي في السَّماءِ الرَّابعةِ، وسِلَاحُهُ العِزّ والجَبَرُوت، فيُنزل عليهم المَلائِكَة، ويَقذفُ المُسلِمُونَ قِسِيَّهُم، ويَدُقُّوا أغْمادَ سُيُوفهم، فَيُصْلِتُونَها عليهم، ويُوَجِّهُوا أسنَّة رماحهم إليهم، ويبْسُط ربُّكَ يدَهُ إلى سِلَاحِ الكُفَّار، فيَضُمه فلا يقْطَع، وَيَغلُّ أيدِيَهُم إلى أعْنَاقهم، ويُسَلّطُ أسْلِحَةَ المُوَحِّدِين عليهم، فلو ضَرب مؤمنٌ


(a) كتاب الفتن: تلحق.
(b) الأصل: فيقتل، والمثبت من كتاب الفتن.
(c) كتاب الفتن: فيتلجلجوا.
(d) كتاب الفتن: وأبيدوهم.
(e) كتاب الفتن: مرجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>