للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقُلتُ لهُ: أَتُغَنِّي أصْلَحَكَ اللهُ وأنْتَ في جَلالِكَ وشَرَفك؟! أمَا والله لأحْدُوَنَّ بها رُكْبان نَجْدٍ، قال: فوالله ما اكْتَرث بي وعَاوَدَ يتَغَنَّى: [من الطويل]

فما ظبيَةٌ أَدْمَاءُ خفَّاقَةُ الحَشَا … تَجُوبُ بظِلْفَيها مُتُونَ الخَمَائِلِ

بِأحْسَنَ منها إذْ تَقُولُ تَدلُّلًا … وأدْمُعُها يُذْرِيْنَ حَشْوَ المَكَاحِلِ

تَمَتَّعْ بذا اليَوْمِ القَصِيْرِ فإنَّهُ … رَهِيْنٌ بأيَّام الشُّهُورِ الأطَاوِلِ

قال: فنَدمْتُ على قَوْلي له، فقُلتُ: أصْلَحكَ اللهُ، تُحَدِّثني في هذا بشيِءٍ؟

فقال: نَعَم؛ حَدًّثَني أبي، قال: دَخَلْتُ على سَالِم بن عَبْدِ الله بن عُمَر وأَشْعَبُ يُغَنِّيهِ: [من الطويل]

مُغِيرِيَّةٌ كالبَدْرِ سُنَّةُ وَجْهِها … مُطَهَّرةُ الأثْوَابِ والعِرْضُ وَافِرُ

لها حسَبٌ زاكٍ وعِرْضٌ مُهَذَّبٌ … ومِن كُلِّ مَكْرُوهٍ منَ الأمْرِ زَاجِرُ

مِنَ الخَفِرَاتِ البِيْض لَم تلْقَ ريْبَةً … ولَم يَسْتَمِلْها عن تُقَى اللهِ شَاعِرُ

فقال له سَالِمَ: زِدْني، فغَنَّاهُ: [من الطويل]

ألَّمتْ بنا واللَّيْلُ دَاجٍ كأنَّهُ … جَنَاحُ غُرَابٍ عَنْهُ قد نَفَضَ القَطْرَا

فقُلْتُ أَعَطَّارٌ ثَوى في رِحَالِنا … وما احْتَمَلَتْ ليلي سِوَى طيْبِها عِطْرَا

فقال سَالِم: والله لولا أنْ تَدَاوَلهُ الرُّوَاة لأجْزَلت جَائزتكَ، فإَنَّك من هذا الأمْر بمَكَان.

أنْبَأنَا أبو الفَضْل أحْمَد بن مُحَمَّد بن الحَسَن، قال: أخْبَرَنا عَمِّي الحافِظُ أبو القَاسِم عليّ بن الحَسَن (١)، قال: قَرَأتُ على أبي غَالب بن البَنَّاء، عن أبي مُحَمَّد الجَوْهَرِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو عُمَر بن حَيَّوْيَه، قال: أَخْبَرَنا أبو أيُّوب سُليْمان بن إسْحَاق الجلَّابُ، قال: حَدَّثَنَا الحَارِث بن أبي أُسامة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن


(١) تاريخ ابن عساكر ٢٠: ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>