للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبْدُ الله بن رُؤْبَة [عن رُؤْبَة] (a)، قال: أوَّل ما هَاجَني على قَوْل الشِّعْر أنَّ أُمِّي ماتَتْ، فخلَّفَت لي قَلَائِصَ أرْبَع عَشرة، فدَخَلْتُ حُجُر نَبَّاذَهٍ روِيَّةً، فدخَلْتُ بَيْتها، فجلَسْتُ (b) فيه، قال: وجَعَل أبي يَطْلبُني حتَّى دُلَّ عليَّ، فدخَلَ وقَد احْتَزَمَ لي بعِقَال فكَتَفنِي، ومَضَى بي فأدْخَلنَي بَيْتًا له، وأغْلَق عليَّ البابَ، وجَعَل يُصْلح قَتَبًا له وهو يَقُول (١): [من الرجز]

سَرْهَفتهُ ما شِئْت من سِرْهَافِ

حتَّى إذا ما آضَ ذَا أعْرَافِ

كالكَوْدَن المَشدُودِ بالإكَافِ

يَقُول ما خلَّفْتُه صَوَافِ

ليسَ كَذَاك وَلَدُ الأشْرَافِ

فأخْرَجْتُ رَأسِي من خَلْف البَاب وقُلتُ (٢): [من الرجز]

إنَّكَ لم تُنْصِف أبا الحَجَّافِ

وكان يَرْضَى منْكَ بالإنْصَافِ

تالله لو كُنت مع الإلَّافِ

يُغْدَى عليَّ بنبِيْذٍ صَافِ

قال: فوَثَبَ بالقَتَب فضَرَبَ به رَأسي فشَجَّهُ، ثمّ أدْرَكَتْهُ رِقَّة الآباء، فاشْترَى لي لَحْمًا وشوَاءً، وأطْعَمَني وقال لي: يا بنيّ، إنَّ مالي لا يَقْوى على سَرَفكَ، فهل لكَ في أنْ تَخْرُج فتَمْتَدِح هؤلاءِ المُلُوكَ، وعليك صُدُورُ القَوَافي، وعليَّ أعْجَازُها،


(a) ما بين الحاصرتين طمسته الرطوبة.
(b) الأصل: فجلست بيتها، وضرب على الكلمة الأخيرة منهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>