للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

افْهَمْ إلى ما تُصَوِّتُ بهِ الضِّفْدَعُ، فأنْصَتَ دَاوُد، فإذا الضِّفْدَعُ تَمْدحُهُ بمِدْحَةٍ لم يَمْدَحْهُ بها دَاوُد، فقال له المَلَكُ: كيف تَرى يا دَاوُد، أَفَهِمْتَ ما قالت؟ قال: نعم، قال: ماذا؟ قال: قالت: سُبْحَانَكَ وبحَمْدكَ مُنْتَهى عِلْمكَ يا رَبّ، قال دَاوُد: لا والّذي جَعَلَني نبيُّهُ إنِّي لَم أَمْدَحْهُ بهذا.

أخْبَرَنا قاضِي القُضَاة أبو المَحَاسِن يُوسُف بن رَافِع بن تَمِيْم، قال: أخْبَرَنا أبو بَكْر مُحَمَّد بن عليّ بن يَاسِر الجَيَّانِي، قال: أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عَبْد الجَبَّار بن مُحَمَّد بن أحْمَد الفَقِيهُ، قال: قال لنا عليّ بن أحْمَد الوَاحِدِيّ المُفَسِّر (١) في تَأوِيْل قَوْله تعالَى {وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ} (٢)، قال: وتَقْدِير الكَلَام: وسَخَّرنا الجِبَالَ يُسَبِّحْنَ مع دَاوُد، وهو أنَّهُ كان إذا وَجَد فَتْرةً أمرَ الجِبَال فسبَّحت حتَّى يَشْاق هو فيُسَبِّح. وقال وَهْب: كانت الجِبَالُ تُجاوبه بالتَّسْبِيْح وكذلك الطَّيْر.

وقال الوَاحِدِيّ (٣) في تَأوِيْل قَوْله تعالَى {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} (٤)، قال: فَضْلًا يعني: النُّبُوَّة والكِتَاب، وما أُعْطي من المُلَك في الدُّنْيا. {يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} مَعناهُ: وقُلْنا يا جِبَال أوَّبي معه، فكان إذا سَبَّح دَاوُد سَبَّحت الجِبَال معه والطَّيْر. قال ابنُ عبَّاسٍ (٥): وكانت الطَّيْر تُسَبِّح معهُ إذا سَبَّح.

وقال (٦) في تَأوِيْل قَوْله تعالَى: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ} (٧)، اللَّبُوس: الدِّرْع لأنَّها تُلْبَسُ. قال قَتَادَة: أوَّلُ منْ صَنَعَ الدِّرْعَ دَاوُد، وإنَّما كانت صَفَائح، فهو أوَّلُ منْ سَردَها وحَلَّقها فَجَمَعتِ الخِفَّة والتَّحْصِين.


(١) الواحدي: الوسيط في تفسير القرآن المجيد ٣: ٢٤٦، وانظره مختصرًا في كتابه الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ٢: ٧٢١.
(٢) سورة الأنبياء، من الآية ٧٩.
(٣) الواحدي: الوسيط ٣: ٤٨٨، وفي النقل المثبت أعلاه بعض اختصار، وانظر أيضًا الوجيز ٢: ٨٧٧.
(٤) سورة سبأ، من الآية ١٠.
(٥) النقل متتابع عن تفسير الواحدي، وانظر ابن عباس: تنوير المقباس ٣٤٤، ٤٥٢.
(٦) الإحالة على الواحدي في تفسيره الوسيط ٣: ٤٠٠.
(٧) سورة الأنبياء، من الآية ٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>