للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا عليّ بن عِيسَى؛ فعَلى (a) الرُّتْبَة في النَّحو واللُّغَة والكَلَام والعَرُوض والمَنْطِق، بل أفْرَدَ صِنَاعَةً، وأظْهَرَ بَرَاعَةً، وقد عَمل في القُرْآن كِتَابًا نَفِيْسًا، هذا مع الدِّيْن المَتِيْن (b)، والعَقْل الرَّصِيْن (c).

وأمَّا ابن المَرَاغِيّ؛ ما يلحقُ هؤلاءِ مع بَرَاعَة اللَّفْظ، وسَعَة الحِفْظ، وقُوَّة (d) النَّفْس، وطل الدِّين (e)، وغَزَارَة النَّفْث، وكَثْرة الرِّوَايَةِ.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْدُ اللَّه بن الحُسَين بن رَوَاحَة، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر السِّلَفِيّ، إذْنًا إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المُبارَكُ بن عَبْد الجبَّار الصَّيْرَفِيّ (١)، قال: سَمِعْتُ الصُّوْرِيّ -يعني أبا عَبْد اللَّه الحافِظ- يَقُول: حَدَّثَني مَنْ أثِقُ به، عن أبي سَعيد الحَسَن بن عَبْد اللَّهِ السِّيْرَافيَّ أنَّهُ قال: حَضَرْتُ مَجْلِسَ أبي بَكْر ابن مُجَاهِد أوَّل ما حَضرَتُهُ وهو يُمْلِي، فجلَسْتُ في أُخْرَيَات النَّاسِ، فقال المُسْتَمْلِيّ: واجْعَلها عليهم سِنِينَ كِسِنِّي يُوسُف (٢)، فقُلْتُ: كَسِنِيْ يُوسُفَ، فلم يَفْهَم عنِّي، فقُمْتُ قائمًا فأعَدْتُ القَوْلَ، فقال ابنُ مُجَاهِد: مَنْ هذا؟ فأشَارُوا إليَّ، فتَطَاوَلتُ، وكان أبو سَعيد دَمِيْمًا (f) حَقِيْرَ المَنْظَر، فقُلتُ: كَسِنيْ يُوسُفَ، فاسْتَدْعَاني وقرَّبَني إليه، فتَحَصَّلْتُ في أعْلَى المَجْلِس بعد أنْ كُنْتُ في أدْنَاهُ.

وقال الصُّوْرِيّ في هذا المَعْنَى (٣): [من الطويل]

إذا المَرْءُ لم يُعْرَفْ له قَدْرُ مثْلِهِ … وأصْبَحَ مَغْمُوصًا (g) له حَقُّ فَضْلِهِ


(a) الإمتاع والمؤانسة: فعالي.
(b) الإمتاع والمؤانسة: الثخين.
(c) الإمتاع والمؤانسة: الرزين.
(d) الإمتاع والمؤانسة: وعزَّة.
(e) كذا في الأصل، وعند التوحيدي: وبلل الريق، ولم ترد في نص ياقوت.
(f) الطيوريات: ذميمًا.
(g) الأصل: مغمرضًا، والمثبت من الطيوريات.

<<  <  ج: ص:  >  >>