للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابنُ أبي الدُّنْيا (١): حَدَّثَنَا الرَّبيع بن ثَعْلَب، قال: حَدَّثَنَا فَرَج بن فَضَالَة، عن أسَد بن وَدَاعَة، قال: لمَّا مَرضَ حُذيْفَة مَرَضَهُ الّذي ماتَ فيه، قيل له: ما تَشْتَهي؟ قال: أشْتَهِي الجَنَّة، قالوا: فما تَشَتَكِي؟ قال: الذُّنُوب، قالوا: أفلا نَدْعُو لك الطَّبِيْبَ؟ قال: الطَّبِيْب أمْرَضَنيّ، لعَد عشْتُ فيكم على خِلَال ثلاث: لَلْفَقْر فيكم أحَبُّ إليَّ من الغِنَى، والضِّعَةُ فيم أحَبُّ إليَّ من الشَّرَف، وأنَّ مَنْ حَمدَني منكم ولا مَني في الحَقِّ سواء. ثمّ قال: أصْبَحْنا، أصْبَحنا؟ قالوا: نعم، قال اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ من صَبَاح النَّار، حَبِيْبٌ جاءَ على فَاقةٍ، ولا أفْلَح مَنْ نَدِم.

قال (٢): وحَدَّثني مُحَمَّد بن أَبَان البَلْخِيّ، قَال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سُلَيم الطَّائِفِيِّ، عن إسْمَاعيل بن كَثِيْر، عن زِيَاد مَوْلَى ابن عَيِّاشٍ (a)، عن بعض أصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللّهُ عليه وسلَّم، قال: دَخلتُ على حُذَيْفَة في مَرَضِهِ الّذي ماتَ فيهِ، فقال: اللَّهُمَّ إنَّكَ تَعْلَم لولا أنِّي أرَى أنَّ هذا اليَوْم أوَّل يَوْم من أيَّام الآخرهَ، وآخر يَوْم من أيَّام الدُّنْيا، لم أتَكَلَّم بما أتَكَلَّم به! اللَّهُمَّ إنَّكَ تَعْلَم أنِّي كُنْتُ أخْتَارُ الفَقْرَ على الغِنَى، وأخْتَارُ الذِّلِّةَ على العِزِّ، وأخْتارُ المَوْتَ على الحياهَ، حَبِيْبٌ جاءَ على فَاقةٍ؛ لا أفْلَح مَنْ نَدِمَ. ثمّ مَاتَ.

أخْبَرَنا أبو المُظَفَّر يُوسُف بن زُغلي سِبْط [ابن] الجوزِيّ (b)، قال: أخْبَرَنا جَدِّي أبو الفَرَج بن الجوزِيّ، قال: أخْبَرَنا مُحَمَّد بن أبي القَاسِم، قال: أخْبَرَنا حَمْدُ بن أحْمَد، قال: أخْبَرَنا ابنُ عَبْد اللّه الأصْبَهَانِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمن بن


(a) رسائل ابن أبي الدُّنيا: مولى ابن عباس، وهو خطأ؛ وزيادٌ هذا هو: زياد بن أبي زياد، مولى عبد اللّه بن عَيَّاش بن أبي ربيعة الخزوي. تنظر تَرْجَمَتِه في التاريخ الكبير للبخاريّ ٣: ٣٥٤، وتهذيب الكمال ٩: ٤٥٦.
(b) في الأصل: ابن زعلي سبط الجوزيّ، وتقدم التعليق عليه. وأثبت في كتابه مرآة الزمان ٦: ٢١٤ رواية أبي نعيم غير مسندة.

<<  <  ج: ص:  >  >>