للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خامس المُحَرَّم سَنَة تِسْعٍ وسَبْعِين وخَمْسِمائَة، ورأيتُه مُفَوَّهًا مَنْطِيقًا، ورأيتُهُ بسِيْمَاءِ الشَّبَاب (a)، فسَألتُ عن سنِّهِ، فقال: أرْبيتُ على الخَمْسِين.

فهذا يَدُلُّ على أنَّ مَوْلده كان في حُدُود الثَّلاثين قبْلها، وقد كان العِمَاد يَظُنَّ أنَّ سنّه أصْغَر ممَّا ادَّعَاهُ، وتدرَّجَ بعد ذلك إلى أنْ ادَّعَى أنَّ مَوْلدَهُ سَنَة سَبْعٍ وتِسْعِين وأرْبَعِمائة، وآفة الكَذِب النِّسْيَان!.

حدَّثني شَيْخُنا عِزُّ الدِّين عليّ بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الأَثِيْر (١)، قال: حَدَّثَني أخي مَجْدُ الدِّين أبو السَّعَادَات المُبارَك بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الشَّيْبَانِيّ، قال: كُنْتُ يَوْمًا جالِسًا بالمَوْصِل مع حَمْزَةَ بن مُضَر العَلَويّ وقد مرَّ علينا تَاجُ العُلَى وهو شَابٌّ، وابن مُضَر شَيْخٌ أنْقَى، فقال: انظُر إلى هذا الفَاعِل الصَّانِع، واللَّهِ الّذي لا إلَه إلَّا اللَّه هو، أعْرِفه وأنا صَبِيٌّ لم يُنْبت وَجْهِي، وصُوْرته (b) كما تراهُ، وها هو على تلكَ الحالةِ وأنا أنْقَى.

وسَمِعْتُ شَيْخَنا ابنَ الأَثِيْر المَذْكُور يقُول لي: كان تَاجُ العُلَى عندنا بالمَوْصِل فاتَّفَقَ أنْ حَضَر عند أخي مَجْد الدِّين وعندَهُ ذو النَّسَبَيْن المَعْرُوف بابنِ دِحْيَة، فالْتَفَت أخي إلى تَاج العُلَى فقال له: هذا السَّيِّدُ ذو النَّسَبَين ابن دِحْيَة والحُسَين، فقال: أَسْمِعْني فإنِّي قليلُ السَّمْع، فقال له: هو يَنْتَسبُ إلى دِحْيَةَ، فقال: حَاشَى هذا السَّيِّدُ أَنْ يَنْتَسِبَ إلى دِحْيَةَ الكَلْبيّ ودِحْيَةُ لم يُعْقِبْ، فإنَّ النَّسَّابِين كُلَّهُم قالوا إنَّ دِحْيَة كان له عَقِبٌ، وأمْتَدَّ عَقِبُه إلى ما بعد الثَّلاثمائة، ثمّ انْقَطع فلم يبقَ منهم أحدٌ على وجهِ الأرْض، فقال له ابنُ دِحْيَة: تَكْذبُ يا شَيْخَ السَّوْءِ، فقال له من غير اكْترَاث ولا انْزعاج، على تُؤَدةٍ من القَوْل، من غير غَضب: لا تسْفَهْ، أنا لا أقُول


(a) قوله: "منطيقًا، ورأيته بسماء الشاب" لم يرد في مخطوطة السيل.
(b) ساقطة من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>