للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ستِّين عَصًا، فأمَرَ له بستِّين ألفًا (a)، وخلَعَ عليه وأطْلَقَهُ.

وقال المَرْزُبانيّ: حَدَّثَني! مُحَمَّد بن إبْراهيم، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ (b) بن أبي خَيْثَمَة، قال: حَدَّثَنا مُحَمَّد بن أبي العَتَاهِيَة، ح.

قال: وحَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى، قال: حَدَّثَنا مُحَمَّد بن مُوسَى، قال: حَدَّثَنا عَبْدُ الله بنُ أبي سَعْدٍ، قال: قال لي مُحَمَّدُ بن أبي العَتَاهِيَة: لم يزل أبي يقُول الشِّعْر في عُتْبَة إلى أنْ خَرَج الرَّشِيْد في خِلَافَته إِلى الرَّقَّة، وكان أبو العَتَاهِيَةِ يُنَادِمُ الرَّشيْدَ، ولا يُفارِقُه في سَفَر ولا حَضَر إلَّا في وقْتِ الحَجِّ إِذا كان بالعِرَاق، وكان الرَّشِيْدُ يُجْري عليه في كُلِّ سنة خَمْسِينَ ألفَ دِرْهَم سِوى المَعَاون والجَوَائِز، فلمَّا قَدِمَ الرَّشِيْدُ الرَّقَّة أظْهَرَ أبو العَتَاهِيَة التَّزَهُّد، وتصَوَّف (c) وتركَ حُضُورَ المُنادَمَة والقَوْلَ في الغَزَلِ، فأمرَ الرَّشيْد بحَبْسِه فحُبِسَ، فلمَّا طالَتْ أيَّامُهُ في الحَبْسِ كتَبَ إلى الرَّشِيْد قَصِيدَةً لِقُول فيها (١): [من الطويل]

تَذَكَّرْ أمينَ اللهِ حقِّي وحُرْمَتي … وما كُنْتَ تُوْلينى لعلَّك تَذْكُرُ

لياليَ تُدْنِي مِنْكَ بالقُرْبِ مَجْلِسي … ووَجْهُكَ من ماءِ البَشَاشَةِ يَقْطُرُ

فَمنْ لي بالعَيْنِ الّتي كُنْتَ قبْلها (d) … إليَّ بها نَفْسِي فداؤُكَ (ح) تَنْظُر

فبَعَثَ إليه الرَّشِيْدُ لمَّا قرَأها: لا بأس عليك. فكتَبَ إليهِ (٢): [من الوافر]

أَرِقْتُ وطارَ عن عَيْني النُّعَاسُ … ونَامَ السَّامرُونَ ولَم يُؤَاسُوا

أمين اللهِ ظِلُّكَ ظِلٍّ (f) أمْنٍ … عليكَ من التُّقَى فيهِ لبَاسُ

وجودُكَ يَسْتَهل ندى ويَحْيا … من كُلِّ نَاحيةٍ أُنَاسُ


(a) الأغاني: ستين ألف درهم.
(b) ب: إبراهيم.
(c) ب: والتصوف.
(d) ديوانه والأغاني: مرة.
(e) ديوانه والأغاني: إليَّ بها في سالف الدهر.
(f) ديوانه والأغاني: أمنك خير.

<<  <  ج: ص:  >  >>