للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فدَخَلُوا فأخْبَرُوا المَهْدِيَّ بما قال، فضَحكَ، ثمّ أمر له بعشرين ألف دِرْهَمٍ فأخَذَها، فلمَّا خَرَج كان على الباب المُرَابطَةُ فقسَمها فيهم، فأُخْبِرَ المَهْدِيُّ بذلك، فدَعاهُ فقال له: ما الّذي حملَكَ على أنْ أكْرَمتُكَ بكَرَامةٍ فقَسَمْتَها؟ فقال: يا أَمِيرَ المُؤْمنِيْن، ما كنتُ لآكُلَ ثمن مَنْ أَحْبَبْت، فأطلَقَها له، وتقدَّمَ إليه ألَّا يُبَذِّرَها.

أنْبَأنَا القَاضِي أبو القَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي الفَضْل، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن أحْمَد الغَسَّانِيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عليّ الحافِظ (١)، قال: أخْبَرَنا أبو حَنِيْفَة المُؤدِّبُ، قال: حَدَّثَنَا المُعَافَى بن زَكَرِيَّاء (٢)، قال: حَدَّثَنَا الحُسَين بن القَاسِم الكَوْكَبِيّ، قال: حَدَّثَنَا عَسَلُ (a) بنُ ذَكْوَان، قال: أخْبَرَنا دِمَاذٌ، عن حَمَّاد (b) بن شَقِيق، قال: قال أبو سَلَمَة الغَنَويّ: قلتُ لأبي العَتَاهِيَة: ما الَّذي صَرفكَ عن قَوْل الغَزَل إلى قول الزُّهْدِ؟ قال: إذًا والله أُخْبِرُكَ، إنِّي لمَّا قُلْتُ (٣): [من المنسرح]

اللهُ بينى وبينَ مَوْلَاتى … أهْدَتْ لي الصَّدَّ والمَلَالَاتِ

مَنَحْتُها مُهْجَتي وخَالِصَتي … فكان هِجْرَانُها مُكَافَاتي

هَيَّمني (c) حُبُّها وصَيَّرَنِي … أُحْدُوثَةً في جَميع جَارَاتي

رأيتُ في المَنَام في تِلك اللَّيْلةِ كأنَّ آتيًا أتَاني، فقال: ما أَصَبْتَ أحدًا تُدْخِلُه بينكَ وبين عُتْبَة يَحْكُم لك عليها بالمَعْصِيَةِ إلَّا الله تعالَى؟! فانْتَبَهْتُ مَذْعُورًا، وتُبْتُ إلى اللهِ من سَاعتي من قَوْل الغَزَل.

وذَكَرَ أبو الحَسَن المَسْعُودِيّ في كتاب مُرُوج الذَّهَب (٤): قال أبو العبَّاس


(a) جوَّده ابن العديم في الأصل بفتح أوَّله وثانيه، وعند الخطيب البغدادي بالكسر والسكون.
(b) ب: دماذ بن حماد.
(c) الأغاني: أقلقني.

<<  <  ج: ص:  >  >>