للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الوَلِيد: وإنَّما قال فيه يَحْيَى بن مَعِيْن بهذه التَّزْكيَة لأنَّهُ عَرفَهُ بالعِرَاق قبل خُرُوج أحْمَد بن عبد اللهِ إلى المَغْرب، وكان نَظِيرَهُ في الحِفْظ إلَّا أنَّهُ دُونَه في السِّنِّ، وكان خُرُوجه إلى المَغْرب أيَّام مِحْنَة أحْمَد بن حَنْبَل، لأنَّهُ يقول في هذه السُّؤَالات: دَخلَتُ على أحُمَد بن حَنْبَل وهو مَحْبُوس بِصُوْر (a)، وذلك أنَّ المَأْمُون احْتَمل ابن حَنْبَل إليهِ من بَغْدَاد للمِحْنَة في القُرْآن.

وأحمد بن عبد اللهِ هذا أقْدَم في طَلَب العِلْم (b)، وأعْلى إسْنَادًا، وأجَلّ عند أهْلِ المَغْرب، في القديم والحَدِيْث، وَرِعًا وزهْدًا من مُحَمَّد بن إسْمَاعِيْل البُخاريّ؛ لانَّهُ سَمِعَ من الحُسَين بن عليّ الجُعْفِيّ، ومن مُحَمَّد بن جَعْفَر غُنْدَر، ومن أبي دَاوُد الحَفَرِيّ، وأبي سُفْيان الحِمْيَرِيّ، وأبي عَامِرٍ العَقَدِيّ، ومُحَمَّد ويَعْلَى ابْني عُبَيْد، ومن أسَد بن مُوسَى بمِصْر، وسَمِعَ الأكَابِر من أصْحَاب سُفْيان وشُعْبَة، وغيرهما، وهو كَثِيْر الحَدِيْث، خَرَجَ عن الكُوفَة والعِرَاق بعد أنْ تَفَقَّهَ في الحَدِيْث، ثمّ نَزَلَ أطْرَابُلُس المَغْرب.

قال: أخْبَرَنا الوَلِيد، قال: حَدَّثَنَا عليّ بن أحْمَد، قال: حَدَّثَنَا أبو مُسْلم، عن أَبِيهِ، قال: آخر سَفْرَة سافرتُها إلى البَصْرَة كَتَبتُ بها سَبْعين ألْف حَدِيث مُنْتَقَى إلَّا حَديث حَمَّاد بن سَلَمَة والقَعْنَبي، واسْتَعرت حَدِيث حَفْص بن عُمَر النُّمَيْرِيّ، وكانت عشرين ألف حَدِيث فما تنقَّيتُ منها إلَّا مائتي حَدِيْث فسَمِعْتُها.

قال: أخْبَرَنا الوَلِيد، قال: قلتُ لزِيَاد بن عبد الرَّحْمن: أيّ شيء أراد أحْمُد بن عَبْد الله بن صالح بخُرُوجه إلى المُغْرب؟ فقال: أرادَ التَّفرُّد للعِبَادَة. يُحْكَي ذلك عن مَشَايخ المَغْرب، قال: وسَمِعْتُ عليّ بن أحْمَد يقول نحو ذلك.

قال الوَلِيد: وحُدِيثُ أحْمَد، وتَصَانِيْفهُ، وأخْبَارهُ بالمَغْرب، وحَدِيثُه عَزيِزٌ


(a) كتب ابن العديم في الهامش: "أظنُّه: بطرسوس، وقد تصحف".
(b) تاريخ بغداد: في طلب الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>