للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جملة أيا كانت، إذا استثنينا المعنى، عددا من التقسيمات لعلها أقل اطرادا وطولها أشد اختلافا منها في الموسيقي، ولكنها كذلك قائمة على التكرار المنتظم لفترات القوة. فاللغة فيها قم وأغوار.

ولكن هذه القمم لها في الغالب قيمة سيكلوجية. حتى ليجد الإنسان نفسه مسوفا في بعض الأحيان إلى القول بأن الحركات العضلية التي تنتج الشدة والعلو تسيرها أسباب سيكلوجية فكأن النبر ينفث الحياة في هيكل الأصوات العظمى أو على حد تعبير مجازي لقدامي النحاة، النبر "روح" الكلمة. فهو الذي يعطي للكلمة طابعها وشخصيتها، سواء أكان نبر علو أم نبر شدة. ولكن النبر مع كل هذا لا يكفي لتحديد الكلمة١.

أولا لأنه لا يعين حدودها إلا بصورة ناقصة. نعم إن النبر في بعض اللغات يتوقف على آخر الكلمة، وفي البعض الآخر مبدأ الكلمة هو المنبور. ولكن هذا الحالات لا تستغرق جميع الإمكانيات. فمن اللغات ما لا يشير نبرها المتغير إلى نهاية الكلمة. هذا إلى أنه قد لا يوجد في مجموعة م الكلمات إلا نبر واحد، وعلى العكس من ذلك قد يوجد نبران في كلمة واحدة. فقد كان في الهندية الأربية. كما تبرهن عليه الإغريقية والنسكريتية، ما يسمى بالكلمات الملحقة، وهي كلمات قصيرة لا توجد مستقلة بل توصل بما قبلها. وفي لغاتنا الحديثة التي تستخدم نبر الشدة تنطق بعض مجاميع الكلمات بدفع صوتي واحد يرتفع فيه النفس على مقطع واحد من المجموعة كلها. ومن جهة أخرى فإننا نعرف في السنسكريتية كلمات مزودة بنبرين، وإنه كثيرا ما ينشأ في اللغات التي تستخدم نبر الشدة، نبر ثانوي إلى جانب النبر الأساسي.

فمن المتعذر أن نجد رباطا نهائيا دائما بين النبر والكلمة، إذ نجد في بعض اللغات التي تستخدم نبر العلو كلمات أساسية تخلو من النبر، كالفعل السنسكريتي في كثير من استعمالاته: فمهما كانت أهمية الفعل في الجملة السنسكريتية، فإنه لا ينبر في الجملة الرئيسية. فينبغي إذن ألا تخلط بين استقلالية الكلمة وتعبريتها وتنبيرها. فهنا أمثلة من الروسية يوصل فيها الاسم بالحرف، مثل u marja "قريب من


١ عن النبر في الفرنسية انظر الملاحظات التي كتبها الأستاذ جرامون رقم ٧٨، ص١٢١.

<<  <   >  >>