التغيرات الصوتية التي تكلمنا عنها حتى الآن تنتج من التحول في النظام الصوتي للغة. وسبب التحور الواقع في الأصوات اللغوية كان يبحث عنه في الصلة بين هذه الأصوات وبين النظام الصوتي. ولكن هذا النوع من التغير ليس الوحيد الذي ينبغي للعالم اللغوي أن يحسب حسابه.
لا توجد في اللغات أصوات لغوية منعزلة. وهذا لا يعنى فقط أن الأصوات اللغوية لا توجد مستقلة وأنها لا تحلل على انفراد إلا بنوع من التجريد إذ أنها في كل لغة تكون نظاما مترابطا. ولكن معنى ذلك أيضا أنها لا تستعمل على انفراد: فلا يتكلم إلا بمركبات من الأصوات اللغوية. فأقل جملة، وأقل كلمة تفترض سلسلة من الحركات النطقية المعقدة وقد تركبت فيما بينها. ومن هذه المركبات تنتج أفعال متبادلة تؤدي إلى أنواع مختلفة من التحوير. والتغيرات التي تصيب الأصوات من جهة الصلات التي تربط هذه الأصوات بعضها ببعض في كلمة واحدة هي ما يمكن أن نسميها بالتغيرات التركيبية. وأهميتها في تاريخ اللغة لا تقل عن أهمية التغيرات السابقة١. ولكن يجدر بنا قبل أن نبدأ في درسها أن نبين حدود المجموعة الصوتية التي في داخلها تحدث التغيرات التركيبية، أو بعبارة أخرى، أن نحدد الكلمة الصوتية.
السؤال الذي يتطلب الإجابة سؤال مزدوج. وينحصر في أن نبحث أولا عما إذا كانت الجملة في لغة من اللغات، إذا ما اعتبرت من جهة الأصوات اللغوية التي
١ سيفرس: رقم ٣٠٥، ٣٧٧، والعرض القيم للحقائق السلافية لبروخ، رقم ١٤٩ ص١٨٥.