ذلك في جمل أخرى مع كلمات أخرى تحدد لنا معناها. وعلى هذا النحو يثبت في الذهن معنى كل كلمة.
وهناك كلمات محدودة الاستعمال لا تظهر مطلقا إلا في صحبة بعض الكلمات الأخرى. وفرصة الخطأ في هذه الكلمات أوسع. لأن الاستعمال لا يقدم لنا الوسيلة لتحديد قيمتها. وفي هذه الحال كثيرا ما تبتعد الكلمة عن دلالتها الأصلية بسبب المعنى الزائف الذي يضاف إليها. فكلمة fruste كانت لا تقال في الأصل إلا وصفا للعملة التي مسح رسمها، وصار يفهم من عبارة monnaie fruste عملة خشنة الصنع خالية من الفن والدقة. ثم صارت تطلق بطريق التوسع على الرجل الفظ الغليظ غير المهذب. فهذا الذي تغلب هو معنى زائف، ولعل الذي ساعد على ذلك شبه صوتي غامض بين هذه الكلمة وبين الكلمتين:rustre و rustaud "خشن"١.
الواقع أن الذهن يسعى إلى تحديد معنى الكلمات بجميع الوسائل التي في متناوله. ولكنه يخدع أحيانا إذا وجهته بعض ظروف خاصة في طريق غير مستقيم. فالصفة emerite كانت تطلق في الأصل على الموظف الذي يحال إلى المعاش. ثم صاروا يحاكون اللاتينية حذلقة فيطلقون عبارة professeur emerite على ما نسميه الآن "أستاذ شرف" ولكنهم راحوا يفسرونها على أنها تدل على "الجدارة" merite أو سمو المقام؛ فأصبحوا الآن يصفون الأستاذ بأنه emerite إذا أرادوا وصفه بالامتياز. وهذا ضد المعنى الأصلي، ولكنه استقر إلى حد أننا لن ندهش إذا سمعنا الناس يتكلمون عن فارس emerite أو طيار emerite. والآن بعد أن توسعت هذه الكلمة في استعمالاتها ودخلت في نصوص متنوعة، فقد امتدت أمامها الفرصة للاحتفاظ بالمعنى سليما وإن كان قد أضيف إليها عن طريق الخطأ.
ومع ذلك نلاحظ أن معنى الكلمة يزيد تعرضا للتغير، كلما زاد استعمالها
١ كتب حديثا أحد أعضاء الأكاديمية كتابا نقرأ فيه الجملة الآتية يلخص فيها صورة بطل من أبطال الحرب: L'ensemble est solide, dominateur et fruste "هو على الجملة متين، متسلط خشن".