للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المزدوجة لم تثبت على مر الزمن، وصار الظرف يصاغ من الصفة مباشرة، ومن هنا ورثت الألمانية، بعد سقوط النهايات، زوجين مختلفين من الكلمات هما: FEST "ثابت" و SCHON "جميل" "وهما صفتان"، FAST و SCHON "وهما ظرفان"، فلم تعد الصلة يحس بها بين كل كلمتين. فساعد ذلك على تطور معنى الظرفية: و FAST أخذت معنى "تقريبا" و SCHON أخذت معنى "قد DEJA" "قارن في الفرنسية A LA BELLE HEURE "لحسن الحظ" و DE BONNE HEURE "مبكرا"؛ أما إذا أرادت الألمانية في أيامنا هذه أن تقول "بثبات أو بجمال" قالت FEST و SCHON.

ترينا هذه الأمثلة مقدار الأثر الذي تخضع له الكلمات من جراء الكلمات الأخرى التي من نفس الأسرة اللغوية يحدث في الدماغ عمل غير شعوري يثبت الكلمات في بعض المعاني وبعدها للاستعمالات التي توجه إليها. وفي الاستعمال تتعرض الكلمات إلى تغيرات أخرى في المعنى، والتغير في هذه المرة يأتي من سياق النص.

تزود كل كلمة في لحظة استعمالها تزويدا تاما بقيمة وقتية تبعد عنها جميع القيم الناتجة من الاستعمالات الأخرى التي تصلح لها الكلمة. ومع ذلك فإن استعمال الكلمات يقوم بواسطة هذا التنوع نفسه، بتأثير دائم على دلالتها. وهذا يتجلى في صورتين: الأولى تنحصر في أن الاستعمال الثابت لكلمة بعينها في نص واحد بعينه يمكن أن يخدع الذهن، إذ إنه لما لم يكن لديه الوسيلة لتحديد قيمة الكلمة بالمقارنة، فإنه يتعرض لتغيرها. ومن جهة أخرى قد يؤدي الاستعمال المتكرر لنفس الكلمة في نصوص مختلفة إلى إبلاء قيمتها او إلى تغييرها.

عندما نسمع جملة أو نقرؤها نرى الكلمات التي تشتمل عليها يفسر بعضها بعضا. فإذا كانت منها واحدة غير مألوفة لنا -والواقع أن هناك دائما فترة في حياتنا نسمع فيها الكلمة لأول مرة- حاولنا بطبيعة الحال تفسيرها معتمدين على سياق النص، وهذه هي الخطة التي يتبعها التلاميذ عندما يحاولون ترجمة نص أجنبي، نص لاتيني أو ألماني مثلا. هذه الفكرة التي نحصل عليها بالتخمين قد تكون زائفة. ولكنها تصحح في غالب الأمر، لأن الكلمة نفسها تقابلنا بعد

<<  <   >  >>