وكثر ورودها في نصوص مختلفة. لأن الذهن في الواقع يوجه كل مرة في اتجاهات جديدة، وذلك يوحي إليه بخلق معان جديدة ومن هنا ينتج ما يسمى بالتأقلم polysemi. يجب أن نفهم من هذا الاسم قدرة الكلمات على اتخاذ دلالات متنوعة تبعا للاستعمالات المختلفة التي تستعمل فيها، وعلى البقاء في اللغة مع هذه الدلالات. وعندنا مثال جميل عن التأقلم في كلمة bureau "مكتب" إذا كانت تدل في الأصل على نوع من نسج الصوف الغليظ المسمى etoffe de bure ثم أطلقت على قطعة الأثاث التي تغطي بهذا النسج، ثم على القطعة من الأثاث، ثم على الأعمال التي تعمل في هذه الغرفة، ثم على الأشخاص الذين يقومون بهذه الأعمال، وأخيرا على أية مجموعة من الأشخاص تقوم بإدارة إحدى الإدارات أو الجمعيات. وخلق معنى جديد لا يقضي بالضرورة على المعاني السابقة، فهنا يمكن لكل المعاني أن تبقى حية في اللغة إذا استثنينا الأول منها "نوع من النسيج". وحركة التغيرات المعنوية لا تسير دائما في خط مستقيم، بل تسير في كل الاتجاهات حول المعنى الأساسي، وكل واحد من المعاني الثانوية يمكن أن تصير بدوره مركزا جديدا للإشعاع المعنوي١.
مهما تعددت الاستعمالات التي تصلح لها الكلمة وتنوعت، فإن أحدها يطغى غالبا على ما عداه، وهو الذي يعين معنى الكلمة الأساسي على النحو الذي يسجل عليه في القاموس. فإذا اتفق أن وجد استعمالان غالبان أو أكثر ولم يكن في الإمكان تداخلهما، فمعنى ذلك أننا أمام كلمتين مختلفتين، كما هي الحال في الأمثلة المذكورة في الصفحة الثالثة من الفصل الأول بالجزء الثالث. ولكن هذا المعنى الغالب لا يستطيع أن يضمن لنفسه البقاء مطلقا، فهو محوط بمعان ثانوية تتحفز دائما للظهور عليه واحتلال مكانه. المعنى الجديد ينمو شيئا فشيئا، ويحل نفسه محل القديم، كما يمتص فرع الشجرة العصير إلى أن يدوي الجذع الأساسي. وعندئذ تجد الكلمة نفسها وقد تغير معناها.