رجعت الخلافة الاسلامية - من بعد ما عصفت بها الأحداث من الداخل والخارج - ولكنها لم ترجع الى العرب ولا الى قريش، بل استولى عليها الأتراك، ودخلوا الى أرض المسلمين باسم الاسلام، فانظم اليهم المسلمون أينما كانوا الا قليلا ممن لازم الحياة، شهد القرن السادس عشر الميلادي دولة إسلامية كبرى - هي تركيا - تقيم إمبراطورية اسلامية من أكبر الإمبراطوريات التي عرفها التاريخ، ويأخذ سلطانها لقب الخليفة، وأصبح مركز الخلافة في القسطنطينية عاصمة البيزنطيين سابقا، فانضم الى هذه الخلافة الجزيرة العربية ومصر والشام، والعراق والجزائر وتونس. وشهد هذا القرن تلك الإمبراطورية الاسلامية القوية التي أصبحت تهدد أوربا، واحتلت منها جزءا غير قليل، وهو ما يعرف الآن باسم (رومانيا وبلغاريا واليونان، ويوغسلافيا وألبانيا، والمجر)، وجعلت لها كلا من البحر الأسود والبحر الأبيض بحيرة اسلامية، وقد كان لها أسطول بحر كبير، وجيش قوى عتيد، وتسمت باسم الخلافة العثمانية، وأصبحت مصدر رعب لأوربا وذعر للمسيحيين، كيف كان موقف الغرب أمام هذه الإمبراطورية الاسلامية الكبرى، وأوربا إذا شاهدت دولة عظمى للمسلمين لا يستقر لها قرار حتى تقضي عليها.
يقول الأستاذ محمد حبيب تألبت الدول الأوربية على الخلافة الاسلامية، واجتمعت كلمة المسيحيين على الوقوف في وجه التيار الاسلامي الجارف، وعقدت المعاهدات وتظافرت القوى والجهود لهذا الغرض، وكان من سوء حظ الخلافة الإسلامية أن ظهرت هذه الحركة الأوربية في وقت كان سلاطين آل عثمان قد انغمسوا في الترف واستسلموا للدعة والنعيم والشهوات.
وقد اتخذ الصراع ضد تركيا شكلا دينيا واضحا اذ تكون ضدها حلف مقدس من النمساويين وبولندة والبندقية، وكان لهذا