للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصغير الذي يقطع بسرقته، هو الذي لا يميز، فإن كان كبيرًا لم يقطع سارقه، إلا أن يكون نائمًا، أو مجنونًا، أو أعجميًّا لا يميز بين سيده وبين غيره في الطاعة، فيقطع سارقه.

وقال أبو يوسف: لا يقطع سارق العبد وإن كان صغيرًا؛ لأن من لا يقطع بسرقته كبيرًا، لا يقطع بسرقته صغيرًا، كالحر.

وحجة الجمهور: أنه سرق مالًا مملوكًا تبلغ قيمته نصابًا، فوجب القطع عليه، كسائر الحيوانات.

وفارق الحر، فإنه ليس بمال ولا مملوك. وفارق الكبير؛ لأن الكبير لا يسرق، وإنما يخدع بشيء، إلا أن يكون في حال زوال عقله، بنوم، أو جنون، فتصح سرقته، ويقطع سارقه.

(وَاخْتَلَفُوا فِيمَا هُوَ شُبْهَةٌ يَدْرَأُ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَدْرَأُ مِنْهَا. فَمِنْهَا الْعَبْدُ يَسْرِقُ مَالَ سَيِّدِهِ، فَإِنَّ الْجُمْهُورَ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ (١)، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يُقْطَعُ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ شَرْطًا. وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ: يُقْطَعُ إِلَّا أَنْ يَأْتَمِنَهُ سَيِّدُهُ (٢). وَاشْتَرَطَ مَالِكٌ فِي الْخَادِمِ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يُدْرَأَ عَنْهُ الْحَدُّ أَنْ يَكُونَ يَلِي الْخِدْمَةَ لِسَيِّدِهِ بِنَفْسِهِ. وَالشَّافِعِيُّ مَرَّةً اشْتَرَطَ هَذَا،


= يتكلم ويعقل لم يقطع، وإن كان صغيرًا لا يتكلم ولا يعقل قطع. وقال الشعبي: إذا سرق صبيًّا صغيرًا مملوكًا قطع، وكذلك قال الزهري: إذا كان المسروق أعجميًّا لا يفقه. وقال الحسن البصري: إذا سرق عبدًا صغيرًا قطع. قال أبو بكر: هكذا نقول قطعه يجب على ظاهر الكتاب. وكان يعقوب يقول: أما أنا فأستحسن أن لا يقطع ".
(١) يُنظر: " الأوسط " لابن المنذر (٢/ ٣٥٢)؛ حيث قال: " أجمع عامة من نحفظ عنه من أهل العلم على أن لا قطع على العبد إذا سرق من مال مولاه. ثبت ذلك عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود ".
(٢) يُنظر: " عيون المسائل " للقاضي عبد الوهاب المالكي (ص: ٤٧٢)؛ حيث قال: " إذا سرق العبد من مال سيده لم يقطع، وبه قال كافة الفقهاء، وحكي عن داود: أنه يقطع ".

<<  <  ج: ص:  >  >>