للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجدة؛ فأخذ يبحث في كتاب الله فلم يجد فسأل الصحابة فأخبروه بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطاها السدس، ثم طلب من يؤكِّد ذلك فجاء محمد بن مسلمة يؤكد ذلك فقضى به (١).

وكذلك الحال بالنسبة لعمر لما جاءه حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما ذهب إلى الشام وكان فيها الطاعون وتوقف الصحابة - رضي الله عنهم - إلى أن جاء الحديث بأنه: " من كان فيها فلا يخرج منهما، ومن كان خارجها فلا يدخلها ". وأخذ عن عمر قوله: " نفرُّ من قدر الله إلى قدر الله ". لما قيل له: أنفِرُّ من قدر الله؟! (٢).


(١) أخرجه أبو داود (٢٨٩٤) وغيره عن قبيصة بن ذؤيب، أنه قال: جاءت الجدة إلى أبي بكر الصديق، تسأله ميراثها؟ فقال: مالك في كتاب الله تعالى شيء، وما علمت لك في سنة نبي الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا، فارجعي حتى أسأل الناس، فسأل الناس، فقال المغيرة بن شعبة، " حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطاها السدس "، فقال أبو بكر: هل معك غيرك؟ فقام محمد بن مسلمة، فقال: مثل ما قال المغيرة بن شعبة، فأنفذه لها أبو بكر. ضعفه الألباني في " إرواء الغليل " (١٦٨٠).
(٢) أخرجه البخاري (٥٧٢٩) ومسلم (٢٢١٩/ ٩٨) عن عبد الله بن عباس: أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، خرج إلى الشام، حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد، أبو عبيدة ابن الجراح وأصحابه، فأخبروه أن الوباء قد وقع بأرض الشام. قال ابن عباس: فقال عمر: ادع لي المهاجرين الأولين، فدعاهم فاستشارهم، وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام، فاختلفوا، فقال بعضهم: قد خرجت لأمر، ولا نرى أن ترجع عنه، وقال بعضهم: معك بقية الناس وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء، فقال: ارتفعوا عني، ثم قال: ادعوا لي الأنصار، فدعوتهم فاستشارهم، فسلكوا سبيل المهاجرين، واختلفوا كاختلافهم، فقال: ارتفعوا عني، ثم قال: ادع لي من كان هاهنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح، فدعوتهم، فلم يختلف منهم عليه رجلان، فقالوا: نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء، فنادى عمر في الناس: إني مصبح على ظهر فأصبحوا عليه. قال أبو عبيدة ابن الجراح: " أفرارًا من قدر الله؟ " فقال عمر: " لو غيرك قالها يا أبا عبيدة؟ نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله، أرأيت لو كان لك إبل هبطت واديًا له عدوتان، إحداهما: خصبة، والأُخرى: جدبة، أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟ " قال: فجاء عبد الرحمن بن عوف - وكان متغيبًا في بعض حاجته - فقال: إن عندي في هذا علمًا، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه ".

<<  <  ج: ص:  >  >>