للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (فَخَطَّ أَيْضًا عِنْدَ أَوَّلِ مَا خَفِيَتْ عَنْهُ فِي الأَرْضِ خَطًّا، ثُمَّ عَلَّمَ مَا بَيْنَ الْخَطَّيْنِ مِنَ الْمَسَافَةِ، وَعَلَّمَ مِقْدَارَ ذَلِكَ مِنْ مُنْتَهَى رُؤْيَةِ الْعَيْنِ الصَّحِيحَةِ، فَأَعْطَاهُ قَدْرَ ذَلِكَ مِنَ الدِّيَةِ).

لا شكَّ أن هذا منهج سليم، وعلي - رضي الله عنه - أُعطِي الحكمة في مثل هذه الأمور وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيه: " أقضاكم عليّ" (١). وهذا نوع من القضاء، وكذلك القاضي شريح (٢) كيف نجح في القضاء؟ وكيف كان أسلوبه؟ وكيف كان يتعامل مع الخصوم؟ وكيف كان يستطيع أن يستخرج الحكم عن طريق بعض الوسائل؟

* قوله: (وَيَخْتَبِرُ صِدْقَهُ فِي مَسَافَةِ إِدْرَاكِ الْعَيْنِ الْعَلِيلَةِ وَالصَّحِيحَةِ بِأَنْ يَخْتَبِرَ ذَلِكَ مِنْهُ مِرَارًا شَتَّى فِي مَوَاضِعَ مُخْتَلِفَةٍ فَإِنْ خَرَجَتْ مَسَافَةُ تِلْكَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي ذَكَرَ وَاحِدَةً عَلِمْنَا أَنَّهُ صَادِقٌ (٣)).

أي: يُختبَر في المرة الأُولى ثم يُعرف المسافة، ثم يُختبر مرة أُخرى وُيرى هل هي المسافة نفسها أم هي أقل أم أكثر؟ فربما يكون غير صادق؛ لأنه ربما إلى مسافة محددة يقول: إلى هذا نظري، لكن لو أخذ من جانب آخر إما أن يزيد أو ينقص فحين إذن يُشَك فيه؛ فيرجع إلى الخصم.


(١) تقدم تخريجه.
(٢) ينظر ترجمته: " السير " للذهبي (٤/ ١٠٠) وما بعدها.
(٣) مذهب الحنابلة، يُنظر: " كشاف القناع " للبهوتي (٦/ ٣٦) قال: " وإن ادعى المجني عليه نقص ضوء إحداهما عصبت العين العليلة وأطلقت العين الصحيحة بلا عصب ونصب له شخص ويعطى الشخص شيئًا كبيضة مثلًا ولتباعد عنه في جهة … شيئًا فشيئًا فكلما قال: قد رأيته فوصف لونه علم صدقه حتى ينتهي فإن انتهت رؤيته علم موضع الانتهاء بخيط أو غيره، ثم تشد الصحيحة وتطلق العليلة وينصب له الشخص، ثم يذهب في الجهة التي ذهب فيها أولًا حتى تنتهي رؤيته فيعلم موضعها كما فعل أولًا ثم يرد الشخص إلى انتهاء جهة أُخرى فيصنع به مثل ذلك ويعلم منه المسافتان، ثم يذرعان ويقابل بينهما. فإن كانتا سواء فقد صدق وينظر، كم بين مسافة العليلة والصحيحة؟ ولحكم له من الدية بقدر ما بينهما على الجاني … ".

<<  <  ج: ص:  >  >>