للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لسانًا، وأبلغهم بيانًا، وأوتي - صلى الله عليه وسلم - جوامع الكلم (١)، وكلما وُفِّق الإنسان إلى فصاحة اللسان وقدرة التأثير، كان تأثيره في الناس أعظم وأكبر.

ونفع هذا اللسان لا يقتصر فقط على الكلام، بل هو جمال للفم أيضًا، وبه نعمة التذوق ويُحتاج إليه فيما يتعلق بالطعام وتنظيف الفم إلى غير ذلك مما لا حصر له.

وعلى ذلك؛ فلو أن إنسانًا قطع لسان إنسانٍ آخر؛ ففيه الدية، ولو قطع جزءًا منه ففيه حكومة إلا أن يذهب الكلام؛ فإن ذهب كلام الإنسان بأن تسبب في ذلك شخص ففيه دية؛ لأن الكلام فيه دية، ولو قطع لسانه ففيه دية أيضًا، ومن العلماء من قال: " الديتان تجتمعان " (٢).

* قوله: (وَذَلِكَ مَرْوِيٌّ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَذَلِكَ إِذَا قُطِعَ كُلُّهُ أَوْ قُطِعَ مِنْهُ مَا يَمْنَعُ الْكَلَامَ).

قيَّد المؤلف القطع بالخطإِ، وسيشير بعد قليل إلى ما يتعلق بالعمد، وذلك لو أن إنسانًا تعدَّى على آخر فقطع لسانه فهل يقطع لسانه؟ سيأتي الكلام عنه ولكنه قال: " ورد ذلك في كتاب عمرو بن حزم وفيه قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " وفي اللسان الدية " (٣)، وقيمة الإنسان بلسانه؛ فإذا توقف


(١) معنى حديث أخرجه البخاري (٢٩٧٧)، ومسلم (٥٢٣/ ٦) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " بعثت بجوامع الكلم، ونصرت بالرعب، فبينا أنا نائم أتيت بمفاتيح خزائن الأرض، فوضعت في يدي ".
(٢) وهم الشافعية والحنابلة:
مذهب الشافعية، يُنظر. " نهاية المحتاج " للرملي (٧/ ٣٢٨) قال: " وفي لسان ناطق ولو لألكن وأرت وألثغ وطفل، وإن لم يظهر أثر نطقه وشمل ما لو كان ناطقًا فاقد الذوق، وإن قال الماوردي: إن فيه الحكومة كالأخرس، ولو قطع لسانه فذهب كلامه وذوقه لزمه ديتان إن قلنا بأن الذوق ليس في اللسان ".
يُنظر: " كشاف القناع " للبهوتي (٦/ ٤٠) قال: " وإن جنى على لسان ناطق فأذهب كلامه وذوقه مع اللسان فديتان كما لو ذهبت منافع اللسان مع بقائه ".
(٣) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>