للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن جابر بن عبد الله بأنهم قالوا: "ولد المُدَبَّرة بمنزلتها" (١)، أي: يأخذون حكمها فإذا عتقت عتقوا، لكن هذا بالنسبة للتدبير (٢).

والمراد: أن العتق الذي يكون للأم ينتقل إلى أولادها الذين جاؤوا بعد تدبيرها، ويَسري عليهم.

* قوله: (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ الْمُخْتَارِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ: "إِنَّهُمْ لَا يُعْتَقُونَ بِعِتْقِهَا" (٣). وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا فِي حَيَاتِهِ أَنَّهُمْ يُعْتَقُونَ بِعِتْقِهَا).

وهذا خطأ وقفتُ عليه؛ لأنه معروف فقهًا أنهم لا يعتقون؛ لأن الأم إذا أعتقت عتقًا منجزًا ولها أولاد، فالأولاد مالٌ للسيِّدِ لا يَتبعونه ولكن الكلام الذي مَرَّ بنا في الكتابة ما يحصل بعد الكتابة، أما لو أعتقت في وقت حياة سَيِّدها عتقًا مُنجزًا فإنه في هذه الحالة لا يلحقون بها؛ لأنَّهم مال مُستقل لا يتبعونها في هذا المقام، ولذلك نضيف كلمة "لا" قبل "يُعتقون"، فيصير الكلام: "لا يُعتقون"، وكلامه الذي سيأتي سيُثبت الذي قلنا (٤).


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (١٠/ ٦٣٧)، عن جابر، قال: "ما أرى أولاد المدبرة إلا بمنزلة أمهم".
(٢) يُنظر: "الإقناع في مسائل الإجماع"، لابن القطان (٢/ ١٢٤)، حيث قال: "وأجمع الصحابة على أن ما ولدت المدبرة في حال تدبيرها يعتقون بعتقها، ويرقون برقها، وإنما جاء الاختلاط بعدهم".
(٣) ذكر الجويني أن هذا القول هو قياس المذهب، يُنظر: "نهاية المطلب" للجويني (١٩/ ٣٢٨) حيث قال: "إذا أتت المدبرة بولد بعد التدبير عن نكاحٍ أو سفاحٍ، وتبين حصول العلوق به بعد التدبير، فهل يثبت لولدها حكم التدبير؟ فعلى قولين منصوصين؛ أحدهما: لا يثبت، وهو القياس؛ فإن التدبير عرضةُ الرجوع في قولٍ، وهو بصدد الإبطال بالبيع في قولٍ، وما لا يلزم أو يتطرق إليه إمكان الرفع، فقياس المذهب فيه ألا يتعدى من الأم إلى الولد، اعتبارًا بالرهن؛ فإنه لا يتعدى إلى الولد. والقول الثاني: أنه يثبت التدبير للولد؛ تشبيهًا بالاستيلاد؛ فإن كل واحد منهما يتضمن العَتاقة عند الموت". وانظر: "البيان"، للعمراني (٨/ ٣٩٥).
(٤) يُنظر: "الإقناع في مسائل الإجماع"، لابن القطان (٢/ ١٢٥)، حيث قال: "وأما لو أعتقها سيدها في حياته وحدها لم يعتقوا بعتقها. قاله الجمهور".

<<  <  ج: ص:  >  >>