للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَقَالَ قَوْمٌ مِنْ هَؤُلَاءِ: بَلْ وَلَاؤُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِسَيِّدِهِ، وَعُمْدَةُ مَنْ لَمْ يُجِزْ عِتْقَ الْمُكَاتَبِ: أَنَّ الْوَلَاءَ يَكُونُ لِلْمُعْتِقِ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: " إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ " (١)، وَلَا وَلَاءَ لِلْمُكَاتَبِ فِي حِينِ كِتَابَتِهِ، فَلَمْ يَصِحَّ عِتْقُهُ (٢)، وَعُمْدَةُ مَنْ رَأَى أَنَّ الْوَلَاءَ لِلسَّيِّدِ: أَنَّ عَبْدَ عَبْدِهِ بِمَنْزِلَةِ عَبْدِهِ (٣)، وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ ذَلِكَ فَهُوَ اسْتِحْسَانٌ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ: اخْتِلَافُهُمْ فِي هَلْ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَنْكِحَ أَوْ يُسَافِرَ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ؟).

" هل للمكاتب أن ينكح "، أي: يتزوج، وهل له أن يسافر أو لا؟

اختلف أيضًا في ذلك، وإن كان الأول خلافه يسير؛ لأن الأئمة الأربعة متفقون على النكاح، لكن الخلاف الأكبر في المسألة الأخرى.

والزواج سنة ومرغب فيه، لكن الزواج يحتاج إلى مال يأتي من كسبه، فإن كان من كسبه تأثَّر عقد المكاتبة، أما إن وُجد من يتبرع له


(١) أخرجه البخاري (١٤٩٣)، ومسلم (١٥٠٤/ ٥).
(٢) يُنظر: "المبسوط"، للسرخسي (٧/ ٢٢٨)، وفيه قال: " بينا أن للمكاتب أن يكاتب استحسانًا، فإن أدى الثاني قبل الأول كان ولاؤه لمولى الأول؛ لأن الأول صار معتقًا فيخلفه مولاه؛ لأن الإعتاق يعقب الولاء وهو ليس بأهل للولاء؛ لأنه رقيق بعد فيخلفه فيه أقرب الناس إليه، وهو مولاه كالعبد المأذون إذا اشترى شيئًا يملكه مولاه بهذا الطريق، وهو أن الشراء موجب للملك، فإذا لم يكن المشتري من أهل الملك خلفه في الملك أقرب الناس إليه وهو المولى، فإن عتق الأول بعد ذلك لم يرجع إليه كما لا يرجع الملك في كسب العبد إليه بعدما يعتقه مولاه، وإن سبق الأول بالأداء ثم أدى الثاني فولاؤه للأول؛ لأن الولاء يعقب العتق وإنما عتق الثاني بعد ما تم الملك للأول في رقبته وهو من أهل الولاء لحريته ".
(٣) يُنظر: " الأم " للشافعي (٨/ ٦٨) حيث قال: " وفي الولاء قولان؛ أحدهما: أنه إذا عتق عبد المكاتب أو مكاتبه قبله فالولاء موقوف أبدًا على المكاتب، فإن عتق المكاتب فالولاء له؛ لأنه المالك المعتق، وإن لم يعتق حتى يموت فالولاء لسيد المكاتب من قبل أنه عبد عبده عتق، والثاني: أنه لسيد المكاتب بكل حال؛ لأنه عتق بإذنه في حين لا يكون له بعتقه ولاؤه ".

<<  <  ج: ص:  >  >>