للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَالَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ الدِّبَاغَ مُطَهِّرٌ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ مُطَهِّرٌ لِمَا تَعْمَلُ فِيهِ الذَّكَاةُ مِنَ الحَيَوَانِ أَعْنِي المُبَاحَ الأَكْلِ (١)، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا لَا تَعْمَلُ فِيهِ الذَّكَاةُ).

يقول المؤلف: إنَّ هؤلاء الذين قالوا بأنَّ الدباغ يطهر الجلد اتَّفقُوا على جزءٍ مِن أجزائه، وما تعمل فيه الذكاة وهو الحيوان المأكول؛ هذا اتفقوا عليه، ثم بعد ذلك اختلفوا، فبعضهم وقَف عندَ الحيوان كما مَرَّ من الرِّوايات الأُخرى عند الحَنابلة، وَنقلَ عن الأوزاعيِّ وجَمَاعةٍ، والتي بعد ذلك أتى فيها الخلاف الَّذي أشرنا إليه من حيث إن كلها تطهر إلا الكلب والخنزير، أو إلا جلد الخنزير فقط، أو كلها تطهر؟ فهذه كلها فيها أقوالٌ للعلماء.

قوله: (فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّهُ مُطَهّرٌ لِمَا تَعْمَلُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَقَطْ، وَأَنَّهُ بَدَلٌ مِنْهَا فِي إِفَادَةِ الطَّهَارَةِ).

الصَّحيح أن هذا ليس مذهب الشافعي، فمذهب الشافعي أن كل جلد حيوان دُبِغَ فهو طاهر إلا الكلب والخنزير (٢)، وهذا مذهب أبي حنيفة كذلك، لكنه فقط يستثني الخنزير لا الكلب (٣)، والحنفية عندما استثنوا


(١) يُنظر: "البيان والتحصيل" لابن رشد الجد (١/ ١٠١) حيث قال: "وسئل مالك: أترى ما دُبِغَ من جلود الدواب طاهرًا؟ فقال: ألا يقال هذا في جلود الأنعام، فأما جلود ما لا يؤكل لحمه، فكيف يكون جلده طاهرًا إذا دبغ وهو مما لا ذكاة فيه، ولا يؤكل لحمه ".
(٢) يُنظر: "روضة الطالبين" للنووي (١/ ٤١) حيث قال: "المتخذ من جلدٍ، والجلد يحكم بطهارته في حالين:
أحدهما: إذا ذكي مأكول اللحم، فجلده باقٍ على طهارته كلحمه، ولو ذكي غير مأكول، فجلده نجس كلحمه.
والثاني: أن يدبغ جلد الميتة، فيطهر بالدباغ من مأكول اللحم وغيره إلا جلد كلب، أو خنزير وفرعهما، فإنه لا يطهر قطعًا".
(٣) وهو مذهب الحنفية، "بدائع الصنائع" للكاساني (١/ ٨٥) حيث قال: " (ومنها) الدباغ=

<<  <  ج: ص:  >  >>