للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتعدَّ عليك هذا البعير ولكنك نحرته لتأكل منه لتدفع الموت عن نفسك.

إذن أيّ شيء يتلفه الإنسان دفاعًا عن نفسه لا ضمان عليه عند الأئمة الثلاثة، وإن أتلفه لمصلحة نفسه ودفع الأذى عنه فإنَّه في هذه الحالة يَضمنه.


=الصائل يجب بقتله الجزاء ولا يجاوز عن شاة. وما في البدائع من أن هذا، أي: عدم وجوب شيء إنما هو فيما لا يبتدئ بالأذى كالضبع والثعلب وغيرهما، أما ما يبتدئ به غالبًا كالأسد والذئب والنمر والفهد فللمحرم قتله ولا شيء عليه. قال بعض المتأخرين: إنه بمذهب الشافعي أنسب نهر".
ومذهب المالكية: ينظر: "الشرح الكبير" للدردير (٤/ ٢٨٧) قال: "لا صائلًا، أي: لا كفارة على من قتل صائلًا عليه بحيث لا يندفع عنه إلا بالقتل، وإنما نصَّ عليه، وإن خرج بقوله معصومًا خطأ؛ لئلَّا يتوهم فيه الكفارة لعدم القصاص فيه كالخطإ ".
ومذهب الشافعية: ينظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٥/ ٥٢٨) قال: "فإن قتله، أي: المصول عليه الصائل دفعًا فلا ضمان بقصاص ولا دية ولا كفارة ولا قيمة ولا إثم؛ لأنه مأمور بدفعه، وفي الأمر بالقتال والضمان منافاة، حتى لو صال العبد المغصوب أو المستعار على مالكه فقتله دفعًا لم يبرأ الغاصب ولا المستعير: ويستثنى من عدم الضمان المضطر إذا قتله صاحب الطعام دفعًا فإن عليه القود. قال الدبيلي: في أدب القضاء.
تنبيه: دخل في كلامهم ما لو صالت حامل على إنسان فدفعها فألقت جنينها ميتًا فالأصح لا يضمنه، وقاسه القاضي على ما إذا تترس الكفار حال القتال بمسلم، واضطر المسلمون إلى قتله ".
ومذهب الحنابلة: ينظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٤/ ١٢٩ - ١٣٠) قال: "ومن صال أي: وثب عليه آدمي صغير أو كبير، عاقل أو مجنون قاله: الحارثي، أو غيره من البهائم والطيور فقتله المصول عليه دفعًا عن نفسه لم يضمنه، إن لم يندفع بغير القتل؛ لأنه قتله لدفع شره، فكأن الصائل قتل نفسه، ولو دفعه، أي: دفع إنسان الصائل عن غيره غير ولده، أي: القاتل ونسائه كزوجته وأُمِّه وأخته وعمته وخالته بالقتل متعلق بدفعه ضمنه، قال في القاعدة السابعة والعشرين لو دفع صائلًا عليه بالقتل لم يضمنه، ولو دفعه عن غيره بالقتل ضمنه ذكره القاضي … قال الحارثي: وعن أحمد رواية بالمنع من قتال اللصوص في الفتنة فيترتب عليه وجوب الضمان بالقتل؛ لأنه ممنوع منه إذن وهذا لا عمل عليه انتهى. قال في "الإنصاف": أما ورود الرواية بذلك فمسلم، وأما وجوب الضمان بالقتل ففي النفس منه شيء".

<<  <  ج: ص:  >  >>