للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوْله: (فَالجُمْهُورُ (١) يَقُولُونَ: بِدَيْنِ العَبْدِ؛ لِأَنَّ الَّذِينَ دَايَنُوا العَبْدَ إِنَّمَا فَعَلُوا ذَلِكَ ثِقَةً بِمَا رَأَوْا عِنْدَ العَبْدِ مِنَ المَالِ، وَالَّذِينَ دَايَنُوا المَوْلَى لَمْ يَعْتَدُّوا بِمَالِ العَبْدِ، وَمَنْ رَأَى البَدْءَ بِالمَوْلَى قَالَ: لِأَنَّ مَالَ العَبْدِ هُوَ فِي الحَقِيقَةِ لِلْمَوْلَى.

فَسَبَبُ الخِلَافِ: تَرَدُّدُ مَالِ العَبْدِ بَيْنَ أن يَكُونَ حُكْمُهُ حُكْمَ مَالِ الأَجْنَبِيِّ، أَوْ حُكْمَ مَالِ السَّيِّدِ، وَأَمَّا قَدْرُ مَا يُتْرَكُ لِلْمُفْلِسِ مِنْ مَالِهِ: فَقِيلَ فِي المَذْهَبِ: يُتْرَكُ لَهُ مَا يَعِيشُ بِهِ هُوَ وَأَهْلُهُ وَوَلَدُهُ الصِّغَارُ الأَيَامَ) (٢).

هذه مسألة مهمة جدًّا في مذهب الإمام مالك؛ لأن الإنسان إذا أفلس وأخذ ماله قد يكون عنده زوجة وأطفال، أو آباء ينفق عليهم، فما الحكم في ذلك؟

لأنه لو حجر عليه ومُنع من التصرف في ماله، فما الذي يفعله طول فترة الحجر؟

هذا يحتاج إلى تفصيل؛ فهذا الذي حجر عليه لا يخلو من أمرين:

* إما أن يكون عنده قدرة على الكسب؛ بأن يكون صاحب صنعة أو حرفة، وعنده القدرة على العمل، فهذا له شأن، فهو يعمل في هذه الصنعة أو الوظيفة أو الحرفة أو غير ذلك، فيكسب وينفق على أولاده، فمثل هذا يكسر على كسبه إلا أن يكون كسبه لا يفي بنفقته ونفقة مَنْ تلزمهم نفقتهم، فقالوا: يعطى من ماله الذي حجر ما يكفي لذلك.


(١) يُنظر: " البحر الرائق " لابن نجيم (٨/ ١٠٨) حيث قال: " الأصل أن دَين العبد أقوى من دَين المولى، ولهذا يُقدَّم دَين العبد على دَين المولى في الإيفاء من رقبة العبد".
(٢) يُنظر: " التاج والإكليل " للمواق (٢/ ٣٣٠) حيث قال: " والإمام يبيع عليه إذا فلس داره وعروضه كلها ما كان له من خادم أو سلاح أو غير ذلك إلا ما لا بد له من ثياب جسده، ويترك له ما يعيش به هو وأهله الأيام ".

<<  <  ج: ص:  >  >>