للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَمَّا أَهْلُ الكُوفَةِ فَرَدُّوا هَذَا الحَدِيثَ بِجُمْلَتِهِ لِمُخَالَفَتِهِ لِلأُصُولِ المُتَوَاتِرَةِ عَلَى طَرِيقَتِهِمْ فِي رَدِّ خَبَرِ الوَاحِدِ إذا خَالَفَ الأُصُولَ المُتَوَاتِرَةَ، لِكَوْنِ خَبَرِ الوَاحِدِ مَظْنُونًا) (١).

أبو حنيفة ومن معه ردوا هذا الحديث بجملته؛ لأنَّه خالف الأصول.

للحنفية منهجٌ وطريقٌ انفردوا بها عن بقية الفقهاء، فهم يرون أن خبر الواحد لا يخصص به؛ لأنه مظنون، لكن لو كان الحديث متواترًا، فنعم، لكن لا يخصص بالحديث المظنون عندهم آيةً أو حديثًا متواترًا أو مشهورًا، وبخاصة فيما يتعلق بمن يرون أنه يتعارض مع أصول الشريعة.

ووجه معارضة هذا الحديث لأصول الشريعة عندهم: أن هذه السلعة إنما اشتريت بثمنٍ، وهذا الثمن كان عن عقد، والله تعالى يقول: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥]، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" (٢)، والله تعالى يقول: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١]، وقال: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا (٣٤)} [الإسراء: ٣٤].

فكيف يأتي إلى إنسان فيأخذ ماله لآخر، وقد أخذه بثمن، وبعقد محدد؟!

لكن إذا أفلس الإنسان، فينبغي أن يطبق في حقه بأن يشترك الغرماء فيما يتعلق بتقسيم ماله .. هذه وجهتهم.


(١) قال ابن نجيم في " البحر الرائق " (٨/ ٩٦): "والجواب عن الحديث أنه قال: من وجد ماله، وهذا مال المشتري لا مال البائع، وإنما يصلح أن يكون حُجَّةً أنْ لو قال فأصَاب رجل عين مال قد كان باعه من الذي وجده في يده ولم يقبض ثمته، فهو أحق به من كل الغرماء".
(٢) أخرجه البخاري (٢٠٧٩)، ومسلم (١٥٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>