للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يأخذ المهر، فاختار أن يأخذ المهر؛ لأنه قد وجد أنها قد تزوجت وحبلت من الآخر، هذا فيما يتعلق بالمفقود، فالمسألة التي بين أيدينا شبيهة بها وإن اختلفت من بعض الوجوه.

قوله: (فَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّهَا لِلَّذِي عَقَدَ عَلَيْهَا النِّكَاحَ، دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ، هَذَا قَوْلُهُ فِي الْمُوَطَّأِ (١)، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ (٢)، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ رَجَعَ عَنِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَأَنَّهُ قَالَ: الْأَوَّلُ أَوْلَى بِهَا إِلَّا أَنْ يَدْخُلَ الثَّانِي، وَبِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ قَالَ الْمَدَنِيُّونَ مِنْ أَصْحَابِهِ (٣) قَالُوا: وَلَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ لِأَنَّهُ أَثْبَتَهُ فِي مُوَطَّئِهِ إِلَى يَوْمِ مَاتَ وَهُوَ يُقْرَأُ عَلَيْهِ (٤)).

مالكٌ يرى في هذه الرواية أنها للذي عقد عليها أي: إلى الثاني.

ووجهة هذا القول: أن كلًّا منهما عقد على هذه المرأة، وكان أحدهما أولى من الآخر لوجود مزيةٍ قائمةٍ ألا وهي الدخول فهذا قد دخل بها، فمالك رَحِمَهُ اللهُ في هذه الرواية التي أوردها في موطأه والتي حُكي أنه


(١) يُنظر: "الموطأ" (٤/ ٨٢٨) حيث قال: "وإن تزوجت بعد انقضاء عدتها، فدخل بها زوجها، أو لم يدخل بها، فلا سبيل لزوجها الأول إليها، وذلك الأمر عندنا، وإن أدركها زوجها قبل أن تتزوج، فهو أحق بها".
(٢) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (١٧/ ٣١٦) حيث قال: "وبه قال مالكٌ والأوزاعي والليث وطائفةٌ مع أهل المدينة".
(٣) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (١٧/ ٣١٣) حيث قال: "وروى سحنون عن ابن القاسم في هذه المسألة، وفي مسألة المفقود أن مالكًا رجع قبل موته بعامٍ، فقال: الأول أحق بها ما لم يدخل بها الثاني، وبه يقول ابن القاسم، وأشهب، وقال المدنيون من أصحابه بما في الموطأ في مسألة المرتجع ومسألة المفقود أنه إذا عقد الثاني، فلا سبيل إلى الأول إليها دخل الثاني بها أو لم يدخل".
(٤) أشار ابن عبد البر إلى ذلك، وأنَّ هذا القول في جميع روايات الموطأ بما فيها رواية يحيى وهو من آخر أصحاب مالك، قال في "الاستذكار" (١٧/ ٣١٣): "وقوله هذا في موطئه عند جميع الرواة، وقد شهد يحيى موته، وهو من آخر أصحابه عرضًا للموطأ عليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>